فمما يحفظ كرامته ويصون له نزاهته أمور منها:
ينبغي للقاضي أن يتنزه عن طلب الحوائج من الناس كالماعون، والآلة، والسيارة؛ ليكون موفور الكرامة محفوظًا من ألسنة الناس ملحوظًا بعين الإجلال والإكرام بعيدًا عن استغلال الآخرين (?).
ويجتنب أخذ القرض إلا أن لا يجد بدا من ذلك فلا يكون من عند الخصوم، أو ممّن هم من جهتهم (?).
يكره للقاضي أن يبيع أو يشتري شيئًا لنفسه في مجلس الحكم أو غيره إلا بوكيل لا يعرف أنه وكيله لئلا يحابي والمحاباة في حكم الهبة فتكون مكروهة.
قال ابن قدامة: لَا يَنْبَغِي لِلقَاضِي أَنْ يَتَوَلَّى البَيعَ وَالشِّرَاءَ بِنَفْسِهِ، لِأَنَّهُ يُعْرَفُ فَيُحَابَى، فَيَكُونُ كَالهَدِيَّةِ، وَلأَنَّ ذَلِكَ يَشْغَلُهُ عَنْ النَّظَرِ في أُمُورِ النَّاسِ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ -رضي الله عنه- أَنَّهُ لَمَّا بُويع، أَخَذَ الذِّرَاعَ وَقَصْدَ السُّوقَ، فَقَالُوا: يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - لَا يَسَعُك أَنْ تَشْتَغِلَ عَنْ أُمُورِ المُسْلِمِينَ، قَالَ: فَإِنِّي لَا أَدَعُ عِيَالِي يَضِيعُونَ، قَالُوا: فَنَحْنُ نَفْرِضُ لَك مَا يَكْفِيك، فَفَرَضُوا لَهُ كُلَّ يَوْمٍ دِرْهَمَيْنِ (?)، فَإِنْ بَاعَ وَاشْتَرَى، صَحَّ البَيْعُ؛ لِأَنَّ البَيع تَمَّ بِشُرُوطِهِ وَأَرْكَانِهِ.