السَّابعُ: تَنْفِيذُ مَا وَقَفَ من أحكام القُضَاةُ لِضَعْفِهِمْ عَنْ إنْفَاذِهَا، وَعَجْزِهِمْ عَنْ المَحْكُومِ عَلَيْهِ؛ لِتَعَزُّزِهِ وَقُوَّةِ يَدِهِ، أَوْ لِعُلُوِّ قَدْرِهِ وَعِظَمِ خَطَرِهِ، فَيَكُونُ نَاظِرُ المَظَالِمِ أَقْوَى يَدًا وَأَنْفَذَ أَمْرًا فَيُنَفِّذُ الحُكْمَ عَلَى مَنْ تَوَجَّهَ علَيْهِ بِانْتِزَاعِ مَا في يَدِهِ أَوْ بِإِلزَامِهِ الخُرُوج مِمَا في ذِمَتِهِ.
الثَّامِنُ: النَّظَرُ فِيمَا عَجَزَ عَنْهُ النَّاظِرُونَ في الحِسْبةِ في المَصَالِحِ العَامَّةِ، كَالمُجَاهَرَةِ بِمُنكرٍ ضَعُفَ عَنْ دَفْعِهِ، وَالتَّعَدِّي في طَرِيقٍ عَجَزَ عَنْ مَنْعِهِ وَالتَّحَيُّفِ في حَق لَمْ يَقْدِرْ عَلَى رَدِّهِ فَيَأْخُذُهُمْ بِحَقِّ الله تَعَالَى في جَمِيعِهِ وَيَأْمُرُ بِحَمْلِهِمْ عَلَى مُوجَبِهِ.
التَّاسِعُ: مُرَاعَاةُ العِبَادَاتِ الظَّاهِرَةِ كَالجُمَعِ وَالأَعْيَادِ وَالحجِّ وَالجِهَادِ مِنْ تَقْصِيرٍ فِيهَا وَإِخْلَالٍ بِشُرُوطِهَا فَإِنَّ حُقُوقَ الله أَوْلَى أَنْ تُسْتَوْفَى وَفُرُوضَهُ أَحَقُّ أَنْ تُؤَدَّى.
العَاشِرُ: النَّظَرُ بَيْنَ المتشَاجِرِينَ وَالحُكْمُ بَيْنَ المُتنَازِعِينَ فَلَا يخرُجُ في النَّظَرِ بَيْنَهُمْ عَنْ مُوجَبِ الحقِّ وَمُقْتَضَاهُ، وَلَا يَجوز أَنْ يَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إلَّا بِمَا يَحْكُمُ بِهِ القُضَاةُ.
الفرق بينهما مِنْ عَشَرَةِ أَوْجُه هي (?):
الأول: أَنَّ لِنَاظِرِ المَظَالِمِ مِن الهيبةِ وَقُوَّةِ اليَدِ مَا لَيْسَ لِلقُضَاةِ في كَفِّ الخُصُومِ عَنْ التَّجَاحُدِ وَمَنع الظَّلَمَةِ مِنْ التَّغَالُبِ وَالتَّجَاذُبِ.
وَالثَّانِي: أَنَّ نَظَرَ المَظَالِمِ يَخْرُجُ مِنْ ضِيقِ الوُجُوبِ إلَى سِعَةِ الجوَازِ فَيَكُونُ النَّاظِرُ فِيهِ أَفْسَحَ مَجَالًا وَأَوْسَعَ مَقَالًا.