ولعلو رتبة القضاء وعظيم فضله جعل الله لمن حكم بين الناس مع أهليته أجرًا على اجتهاده وإن لم يصب في حكمه قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا حَكَمَ الحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ، وإذا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَخْطأَ فَلَهُ أَجْرٌ" (?)، وإنما أُجر على اجتهاده وبذل وسعه لا على خطئه (?). وقد جاء بذلك القرآن الكريم في قوله تعالى: {وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ (78) فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا} (?) فَأثنَى عَلَى دَاوُد بِاجْتِهَاده، وَأثنَى عَلَى سُلَيمانَ بِإِصَابَتِهِ وَجْهَ الحُكْمِ. وقد قَالَ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} (?).
كان بعض أئمة السلف يحجم عن القضاء ويمتنع عنه أشد الامتناع حتى لو لحقه أذى في ذلك خوفًا على نفسه من خطره والوعيد الشديد الذي وردت السنة به على من تولى القضاء ولم يؤد الحق فيه (?)، ومن ذلك:
1 - ما رواه عبد الله بن أَوْفَى -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّ اللهَ مع القَاضِي ما لم يَجُرْ فإذا جَارَ تَخَلَّى الله عنه وَلَزِمَهُ الشَّيْطَانُ" (?).