مرض قال: يا بنية، ما أحدٌ أحبَّ إلي بعدي منك، ولا أحد أعز عليَّ فقرًا منك، وكنت نحلتك جذاذ عشرين وسقًا ووددْتُ أنك حزتيه أو قبضتيه وهو اليوم مال الوارث، وإنما هما أخواكِ وأختاكِ فاقتسموا على كتاب الله -عَزَّ وَجَلَّ-" (?).
وروي عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: "ما بالُ أقوامٍ ينحلون أولادهم، فإذا مات أحدهم قال: مالي وفي يدي، وإذا مات هو قال: كنت نحلته ولدي، لا نحلة إلا نحلة يحرز الولد دون الوالد، فإن مات ورثه" (?).
قال صاحب المغني في شرحه لقول الخرقي: "ولا تصح الهبة والصدقة فيما يكال أو يوزن إلا بقبضه، ويصح في غير ذلك بغير قبض إذا قَبِلَ كما يصح في البيع".
قال ابن قدامة في شرحه لكلام الخرقي: "يعني أن غير المكيل والموزون تلزم الهبة فيه بمجرد العقد ويثبت الملك في الموهوب قبل قبضه، وروي ذلك عن علي وابن مسعود -رضي الله عنهما- فإنه يروى عنهما أنهما قالا: "الهبة جائزة، إذا كانت معلومة، قبضت أو لم تقبض"، وهو قول مالك وأبي ثور، وعن أحمد رواية أخرى: لا تلزم الهبة في الجميع إلا بالقبض. وهو قول أكثر أهل العلم" (?).
قال صاحب المغني: "ومتى قلنا إن القبض شرط في الهبة لم تصح فيما لا يمكن تسليمه كالعبد الآبق والجمل الشارد والمغصوب لغير غاصبه ممّن لا يقدر على أخذه من غاصبه، وبهذا يقول أبو حنيفة والشافعيُّ؛ لأنه عقد يفتقر إلى القبض فلم يصح في ذلك كالبيع" (?).