وبيان وجه الدليل في هذه الآيات على أن الإرضاع حق للأم وليس واجباً عليها: أن الله عزّ وجلّ، عندما قال: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ} احتمل أن يكون المعنى: الوالدات يلزمن بإرضاع أولادهن.
ولو قال سبحانه وتعالى: وعلى الوالدات إرضاع أولادهنّ: لسقط الاحتمال الثاني، وتعين الاحتمال الأول. فلما قرأنا قول الله عز وجل {وَإِن تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى} ترجح المعنى الثاني في الآية الأولى، وهو كان الرضاع حقاً لها. إذ لو كان واجباً عليها، لما قال سبحانه وتعالى: {فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى}. ولما كان من سبيل إلى التعاسر والاختلاف مع الزوج، ولما كان لها الامتناع عن الإرضاع.
ولما قرأنا قول الله سبحانه وتعالى: {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} ازداد المعنى الثاني للآية رجحاناً، بل تعين ذلك المعنى، لأن الرضاع لو كان واجباً على الأم، لما استحقّت عليه أجراً، إذ لا أجر على واجب، فلما أمر سبحانه وتعالى بإعطائهنّ الأجر على الرضاع إن طلبنه، دلّ ذلك على أنهنّ مخيّرات في الإرضاع، لا مجبرات عليه.
والخلاصة:
أن الرضاع حق للأم تجاب إليها، إن طالبت به. وليس واجباً عليها، فلا تلزم به إن رفضته، إلا إن تعينت له، فعندئذ يجب عليها للضرورة.
ما يترتب على كون الرضاع حقاً لا واجباً:
لعلك أدركت مما أوضحنا، الأمور التي تترتب على كون الرضاع مجرد حق للأم، وأنه ليس واجباً عليها.
وهذه الأمور، تتلخص فيما يلي:
أولاً: لا يجوز للزوج إجبار زوجته على إرضاع طفلها، فإن أجبرها،