أخيه: ترك القصاص منه، وفي ذكر "أخيه" تعطف داع إلى العفو. فاتباع بالمعروف: مطالبة القاتل بالدية من غير عنف. وأداء إليه بإحسان: على القاتل أداء الدية إلى الوارث بلا مطل ولا بخس. ذلك تخفيف: العفو عن القصاص إلى الدية تيسير من الله ورحمة بعباده حيث لم يضيق عليهم بتشريع حكم واحد وهو القصاص. فمن اعتدي بعد ذلك: أي ظلم القاتل، واعتدي عليه بالقتل بعد العفو، فله عذاب أليم في الآخرة بالنار، أو في الدنيا بالقتل].

ترك القصاص والعفو عنه:

القصاص هو الحكم الأصلي المترتب على القتل العمد، وهو حق أولياء القتيل، فإن شاؤوا استوفوه، وعلى القاضي مساعدتهم، وتمكينهم من نيل حقهم، كما قال عز وجل: {وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلاَّ بِالحَقِّ وَمَن قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلاَ يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً} (سورة الإسراء: 33) أي: معاناً من قبل القضاء. وإن شاؤوا عفوا عن القصاص، أو عفا بعضهم إلى الدية، فإن فعلوا، أو فعل بعضهم ذلك، وجبت لهم الدية حالة في مال القاتل، وكان عليه أداؤها إليهم دون مماطلة أو بخس. وإلى هذا الحكم: وهو وجوب الدية، يشير قول الله تبارك وتعالى: {َمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاء إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ} (سورة البقرة: 178).

قال عبدالله بن عباس رضي الله عنهما في تفسير هذه الآية: (فالعفو أن يقبل الدية في العمد، قال: {فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاء إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ} يتبع هذا بالمعروف، ويؤدي هذا بإحسان). (أخرجه البخاري [4228] عن ابن عباس رضي الله عنهما في تفسير سورة البقرة، باب: قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ}؛ والنسائي [8/ 37] في القسامة، باب: تأويل قوله عز وجل: {َمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاء إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ}).

وقد مرت الآية مستوفاة.

وقد بين النبي - صلى الله عليه وسلم - أن للولي الحق في القصاص، أو العفو عنه إلي الدية: روى أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " من قتل له قتيل فهو بخير النظرين: إما أن يعفو وإما أن يقتل". وفي رواية: " إما أن يقاد وإما أن يفدى". (أخرج الترمذي الأولي [1405] في الديات، باب: ما جاء في حكم ولي القتيل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015