والجواب: الأصح أنه لا يعود الدين كما كان، وليس للدائن أن يطالب إلا بما بقي بعد الإبراء، لأن الإبراء إسقاط للحق من الذمة، فبه سقط جزء من الدين من ذمة المدين، والقاعدة الفقهية تقول: (الساقط لا يعود).
ولذا ينبغي على أصحاب الديون أن ينتبهوا إلى هذا فلا يتلفظوا بالإبراء ونحوه من الألفاظ التي معناه كسامحتك - مثلاً - بما لي عليك، فإن ديوانهم تسقط من ذمة المدين، وليس للدائن بعد ذلك مطالبة بها، سواء أَقبل ذلك الإبراء أم لا، وسواء أقبل ذلك الإبراء أم لا، وسواء أكان ذلك في حالة غضب أو نشوة سرور - كما تفعل الزوجات أحياناً حين تبرئ إحداهنّ الزوج مما لها من مؤخَّر في ذمته - أم لا.
2 - وأما صلح المعاوضة في الدين: فهو أن يدّعي ديناً على أخر، كألف مثلاً ويقّر له المدَّعَى عليه بذلك، ثم يصالحه عنها أن يعطيه سلعه معَّينة، غسالة مثلاً فهذا معاوضة وبيع، تجري عليه أحكام البيع، وإذا صالحه على منفعة عين - كأن يسكنه داراً سنة مثلاً - فهو إجارة، تجري عليها أحكام الإجارة، كما علمنا عن الصلح في العين.
*الصلح بين المدَّعي وأجنبي:
وذلك بأن يدّعي إنساناً حقاً على أخر، فيأتي شخص ثالث غير المدَّعَي عليه ويصالح المدَّعي عمّا أدّعاه. ولهذا الصلح صور حسب حال المدََّعَى عليه وموقف الأجنبي من ذلك، ولكل صورة حكمها، إليك بيان ذلك:
1 - أن يدّعي الأجنبي الوكالة عن المدّعي عليه ويصالح له، كأن يقول: وكّلني المدّعي عليه أن أصالحك، وهو مقر لك بما أدّعيت، ولم ينكر المدَّعي عليه الوكالة بعد ذلك، وصالح، كان الصلح صحيحاً، وصار المصالَح عنه - وهو الحق المدّعى - ملْكاً للمدّعي عليه موكِّل الأجنبي. وإن كان أنكر المدعى عليه الوكالة بعد ذلك كان الصلح باطلاً.
2 - أن يصالح الأجنبي لنفسه، بأن يقول: إن فلاناً الذي ادّعيت عليه الحق مقرّ لك به، وأنا أُصالحك عنه علة كذا، دون دعوى الوكالة، فهو كشراء الفضولي، أي شراء الإنسان لغيرة، والصحيح أنه باطل.