وإن كانا في سوق، أو صحراء، أو على ظهر سفينة ونحو ذلك، كفى أن يولِّي أحدهما ظهره للآخر ويمشي خطوات.
أما لو خرجا جميعاً أو تماشيا معاً فيبقى المجلس مستمراً، ولا يسقط الخيار.
وكذلك يسقط الخيار إذا اختار أحدهما أو كلاهما إبرام العقد ولزومه، بأن يقولا: أمضينا العقد أو اخترنا لزومه، وكذلك إذا خيَّر أحدهما الآخر كأن يقول له: اختر إمضاء البيع أو فسخه، فيكون ذلك إسقاطاً لخياره، فإذا اختار الآخر سقط خيار المجلس، لأنهما أسقطا حقاً أعطاهما الشارع إياه. فإن اختار أحدهما ولم يختر الآخر سقط الخيار في حق من اختار، وبقي في حق من لم يختر.
والأصل في كل ما سبق: قوله - صلى الله عليه وسلم - " البيعان بالخيار ما لم يتفرقا وكانا جميعاً، أو يخير أحدهما الآخر " (أخرجه البخاري في البيوع، باب: إذا لم يوقت في الخيار .. ، رقم 2003. ومسلم في البيوع، باب: ثبوت خيار المجلس للمتبايعين، رقم: 1531).
ودلّ على أن المقصود بالتفرّق التفرق بالأبدان - على ما ذكرنا - تفسير ابن عمر - رضي الله عنهما - له بفعله، وهو راوي الحديث، فقد روى مالك عن نافع رحمه الله تعالى قال: وكان ابن عمر رضي الله عنهما إذا اشترى شيئاً يُعجبه فارق صاحبه. (انظر البخاري: البيوع، باب: كم يجوز الخيار، رقم: 2001)
وعنه رضي الله عنه قال: بِعْتُ من أمير المؤمنين عثمان مالاً بالوادي بمالٍ له بخيبر، فلما تبايعنا رجعت على عقبي حتى خرجت من بيته، خشية أن يرادني البيع، وكانت السُّنَّةُ أنّ المتبايعين بالخيار حتى يتفرقا (انظر: البخاري: البيوع، باب: إذا اشترى شيئاً فوهب من ساعته ... ، رقم: 2010).
2 - خيار الشرط:
وهو أن يشترط بأحد المتعاقدين أو كُلُّ منهما: أن له الخيار - أي حق فسخ العقد - خلال مدة معلومة. ويمكن أن يشترط ذلك مع العقد، ويمكن أن يشترط بعده، ولكن قبل مفارقة مجلس التعاقد. وسمي خيار الشرط لأن سببه اشتراط العاقد.
ويشترط فيه:
1 - أن يكون لمدة معلومة، فإن قال: لي الخيار، ولم يحدد مدة لم يصح، وكذلك