وعليه: فلا يصح بيع سيارة ضائعة، أو طائر في الهواء أو سمك في الماء، ونحو ذلك لعدم القدرة على تسليمها حسّاً.
كما لا يصحّ بيع جزء معَّين من مبيع لا يقبل القسمة، أي إن قسمته تنقص قيمته وتجعله غير صالح للانتفاع به ككتاب أو سيف أو بيت صغير ونحو ذلك، لأنه غير مقدور على تسليمه شرعاً، إذ إن تسليمه لا يكون إلا بقسمته وتمييزه، وفي ذلك نقصه وذهاب منفعته، وهو تضييع للمال، وهو منهي عنه كما علمت.
أما لو بيع جزء منه غير معين - أي على سبيل الشيوع - فإن ذلك جائز، لأن المشتري لا يحق له أن يطالب بقسمته، ويكون الانتفاع به على التناوب.
5 - أن يكون للعاقد سلطان عليه بولاية أو ملك: فيصح بيع المالك لمال نفسه وشراؤه به، لأن الشرع جعل له سلطاناً على ماله. وكذلك يصح بيع الولي أو الوصيّ لما مَنْ تحت ولايته من القاصرين وشراؤه به، كما يصح بيع الوكيل لمال موكَّله وشراؤه به، لأن لهؤلاء جميعاً سلطاناً على المال، إما بتسليط الشرع كالأولياء والأوصياء، وإما بتسليط المالك نفسه كالوكلاء. فإذا تصرف بالمال بيعاً أو شراءً من لا سلطان له عليه - وهو الذي يسمى في رف الفقهاء الفضولي - كان تصرفه باطلاً، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: " لا بيع إلا فيما تملك " (أخرجه أبو داود في البيوع، باب: في الرجل يبيع ما ليس عنده، رقم 3503. وكذا الترمذي والنسائي وابن ماجه).
ويستثنى من ذلك ما لو باع مال مَن يرث منه ظاناً حياته، فتبين أن المورِّث كان ميتاً عند العقد، فيُصحَّح البيع وتترتب علي آثاره، لأنه تبيّن خطأ ظنه، وأنه في الحقيقة مالك لما تصرف فيه وليس فضولياً، والعبرة في العقود بما في حقيقة الأمر، لا بما في ظن العاقد.
6 - أن يكون معلوماً للعاقدَيْن: فلا يصح البيع إذا كان في المبيع أو الثمن جهالة لدى العاقدين أو أحدهما، تقضي في الغالي إلى النزاع والخصومة، لأن في