وأما الأم المرضع في حال قيام الزوجية أو أثناء العدة من طلاق رجعي، فتستحق الأجرة بالإرضاع في المدة مطلقاً بلا عقد إجارة، في رأي المالكية، وأما في رأي الحنفية على الراجح فمن تاريخ قيامها بالإرضاع. وقيل عند الحنفية: من وقت طلبها الأجر. ولا تسقط الأجرة بموت الأب، بل تكون دائنة له أسوة بغرمائه، فليست الأجرة نفقة وإنما هي دين يستحق في التركة، إذ لو كانت نفقة لسقطت بموته، كما تسقط بالموت نفقة الزوجة والقريب ولو بعدا لقضاء، ما لم تكن مستدانة بأمر القاضي (?). وإذا لم يكن للرضيع أب وجبت الأجرة على من يلي الأب في الإنفاق عليه.
اتفق الفقهاء على أن الأم تقدم في الإرضاع إذا أرضعت ولدها بدون أجر، أو لم تطلب زيادة على ما تأخذه الأجنبية ولو دون أجر المثل، أو لم توجد مرضعة إلا بأجر، رعاية لمصلحة الصغير بسبب كون الأم أكثر حناناً وشفقة عليه من غيرها، ولأن في منع الأم من إرضاع ولدها إضراراً بها، وهو لا يجوز، لقوله تعالى: {لا تضار والدة بولدها} [البقرة:233/ 2] وقوله سبحانه: {والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين} [البقرة:233/ 2] دل النص على أن الأم أحق برضاع ولدها في الحولين (?).
فإن وجدت متبرعة بالإرضاع، وطلبت الأم الأجر، أو وجدت مرضعة بأجر أقل مما تأخذه الأم، كانت الأم عند المالكية والحنابلة هي الأحق من غيرها بأجر المثل، لإطلاق الآية السابقة: {لا تضارّ والدة بولدها} [البقرة:233/ 2] وآية: