قال الحنفية: الحق أن التصور والإمكان العقلي شرط، فمتى أمكن التقاء الزوجين عقلاً ثبت نسب الولد من الزوج إن ولدته الزوجة لستة أشهر من تاريخ العقد، حتى ولو لم يثبت التلاقي حساً. فلو تزوج مشرقي مغربية، ولم يلتقيا في الظاهر مدة سنة، فولدت ولداً لستة أشهر من تاريخ الزواج، ثبت النسب، لاحتمال تلاقيهما من باب الكرامة، وكرامات الأولياء حق، فتظهر الكرامة بقطع المسافة البعيدة في المدة القليلة، ويكون الزوج من أهل الخطوة الذين تطوى لهم المسافات البعيدة. وفي رأيي أن هذا التعليل غير مقبول عادة، والصحيح أن الحنفية يثبتون النسب من تاريخ العقد، عملاً بحديث «الولد للفراش» وإن لم يتحقق إمكان الوطء أو الدخول. وفي هذا احتياط للولد وعدم ضياعه وستر على العِرْض، ومنع من وقوع مشكلة اللقطاء، فألحق الولد بمن له زوجية صحيحة. فإن تيقين الزوج أن الولد ليس منه فله أن ينفيه باللعان.
ورفض الأئمة الثلاثة هذا المنطق، وقالوا: يشترط إمكان التلاقي بالفعل أو الحس والعادة، وإمكان الوطء والدخول، لأن الإمكان العقلي نادر ولا يصح أن يكون له دور في نطاق العقود الظاهرة، والأحكام إنما تنبني على الكثير الغالب والظاهر المشاهد، لا القليل النادر، أو الخفي غير المحتمل عادة، فلو تأكد عدم اللقاء بين الزوجين فعلاً، لم يثبت نسب الولد من الزوج، كما لو كان أحد الزوجين سجيناً أو غائباً في بلد بعيد غيبة امتدت إلى أكثر من أقصى مدة الحمل، لذا أخذت القوانين بهذا الرأي، وهو الصحيح لاتفاقه مع قواعد الشريعة والعقل.
وفائدة الخلاف: أن الولد لا ينتفي نسبه في رأي الحنفية إلا باللعان، وينتفي بدون لعان في رأي الجمهور، لعدم إمكان التلاقي بين الزوجين عادة.
موقف القانون من هذا السبب: نص القانون السوري م (129) على مايلي: