حكم عقد الجزية: يترتب على عقد الذمة إنهاء الحرب بين المسلمين وغيرهم، وعصمة نفوس الكفار وأموالهم وبلادهم وأعراضهم، فلا يجوز استباحتها بعد انعقاد العقد، بدليل حديث بريدة السابق ذكره وفيه: «فادعهم إلى أداء الجزية، فإن أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم» ولقوله تعالى في آية الجزية: {قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر} [التوبة:29/ 9] إلى قوله تعالى {حتى يعطوا الجزية عن يدٍ وهم صاغرون} [التوبة:29/ 9] فالله سبحانه طالب بالكف عن قتال أهل الكتاب عند وجود الإسلام أو بذل الجزية، وبما أن الإسلام يعصم النفس والمال وما ألحق بهما، فكذا الجزية. وقال علي رضي الله عنه: «وإنما بذلوا الجزية لتكون أموالهم كأموالنا، ودماؤهم كدمائنا» (?) وروى أبو داود والبيهقي وأحمد عن الرسول صلّى الله عليه وسلم من حديث أسامة قال: «ألا من ظلم معاهداً، أو انتقصه، أو كلفه فوق طاقته، أوأخذ شيئاً بغير طيب نفس منه، فأنا حجيجه يوم القيامة» (?).
والجزية نوعان: جزية صلحية: وهي جزية توضع بالتراضي والصلح، فتقدر بحسب ما يقع عليه الاتفاق، فلا حد لها ولا لمن تؤخذ منه إلا ما يقع عليه الصلح. وجزية عنوية تفرض فرضاً: وهي التي يبتدئ الإمام وضعها إذا غلب المسلمون على الكفار، واستولوا على بلادهم، وأقرهم الإمام على أمرهم.
فيضع الإمام عند الحنفية والحنابلة على الغني الظاهر الغنى (وهو من يملك