سادساً ـ كيفية وجوب القصاص (أو مدى لزوم القصاص، أو موجب العمد): يجب القصاص من القاتل إلا إذا عفا عنه ولي القتيل. فإذا عفا، هل يلزم القاتل بالدية أو لا؟
قال الحنفية والمالكية، والشافعية في ظاهر مذهبهم الراجح عندهم وفي رواية عن أحمد (?): موجَب (?) القتل العمد هو القَود عيناً أي متعيناً، لقوله تعالى: {كتب عليكم القصاص في القتلى} [البقرة:178/ 2] وهذا يفيد تعين القصاص واجباً متعيناً للعمد، ولقوله عليه الصلاة والسلام: «من قتل عمداً فهو قَود» (?)، ولأن القصاص بدل شيء متلف، فتعين الجزاء من جنسه، كسائر المتلفات.
ويحسن إيراد عبارة الشافعية فيه وهي: موجب العمد القود عيناً، والدية بدل عند سقوطه، وفي قول: موجب العمد: أحدهما (القصاص والدية) مبهماً، وعلى القولين: للولي عفو على الدية بغير رضا الجاني، وعلى الأول: لو أطلق العفو فالمذهب لا دية.
وبناء على هذا الرأي: قال الحنفية والمالكية والشافعية على المذهب: لو عفا ولي القتيل عن القصاص مطلقاً، أي دون مطالبة بالدية، لا يلزم الجاني بالدية جبراً عنه، وإنما له باختياره أن يدفعها في مقابل العفو عنه. وللولي أن يعفو مجاناً أو يقتص، أي ليس له إن أراد أخذ جزاء الجناية إلا القود، لا الدية. ويجوز العفو على الدية أو أكثر أو أقل برضا الجاني، وتعد الدية حينئذ بدلاً عن القصاص. ولو