المبحث الرابع ـ ضمان الفعل:

اتفق الفقهاء (?) على أن المعتدى عليه (المدافع) إذا قتل الصائل، فلا مسؤولية عليه من الناحيتين المدنية والجنائية، فلا دية ولا قصاص، لقوله عليه السلام: «من شهر سيفه ثم وضعه ـ ضرب به ـ فدمه هَدَر» (?)، ولأن الصائل باغ، والمصول عليه كان يؤدي واجبه في الدفاع عن نفسه، ودفع الشر (?).

إلا أن الحنفية استثنوا مما ذكر: ما إذا كان الصائل صبياً أو مجنوناً أو دابة، فقتله المصول عليه، فيسأل مدنياً فقط لا جنائياً، فلا قصاص عليه، وإنما يدفع الدية عن الصبي والمجنون، ويضمن قيمة الدابة كما بينت في المبحث الثاني.

وروي عن أبي يوسف: أنه يكون مسؤولاً مدنياً فقط عن قيمة الحيوان، ولاتجب الدية عليه في قتل الصبي والمجنون.

ودليل الحنفية بالنسبة للدابة قوله صلّى الله عليه وسلم: «العجماء جُرْحها جُبَار» (?) أي

هَدر. وأما فعل الصبي والمجنون فلا يوصف بكونه جريمة أو بغياً، فلا تسقط به عصمة النفس، ولا يتوافر بالتالي شرط جواز الدفاع عن النفس؛ لأن من شرائطه أن يكون هناك اعتداء أو عدوان عندهم، كما تقدم، ولأن الدفاع شرع لدفع الجرائم، ولا جريمة ههنا.

وقال أبو يوسف: يعد فعل الصبي والمجنون جريمة، بدليل أنه يجب عليهما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015