ومؤنة الكري أي نفقته بحسب نوع النهر، والأنهار أنواع ثلاثة (?):
الأول: النهر العام غير المملوك لأحد، كالفرات والنيل: نفقة كريه وإصلاحه من بيت مال المسلمين، من الخراج والجزية، دون العشور والصدقات؛ لأنه للمصلحة العامة، فيختص بنفقته بيت المال، عملاً بالحديث النبوي: «الخراج بالضمان» (?).
فإن لم يكن في بيت المال شيء، أجبر الحاكم الناس على إصلاح النهر، إن امتنعوا عنه، دفعاً للضرر، وتحقيقاً للمصلحة العامة. قال عمر في مثله: «لو تركتم، لبعتم أولادكم».
وتفرض مؤنة الإصلاح على الأغنياء الموسرين الذين لا يطيقون الإصلاح بأنفسهم، كما هو الشأن في تجهيز الجيوش. ويكلف القادرون على العمل بأنفسهم، وتكون نفقتهم على الأغنياء.
الثاني: النهر العام المملوك لأهله الداخل في المقاسم، ويمكن قسمته، ويشترك به جماعة هم أصحاب النهر، فهو عام من وجه، وخاص من وجه: نفقة إصلاحه على أهله؛ لأن الحق لهم والمنفعة تعود إليهم على الخصوص، فعليهم إصلاحه لأن الغنم بالغرم. ومن أبى منهم يجبر على الإنفاق، دفعاً للضرر العام الذي يلحق بقية الشركاء.