وإن اختلف المعير والمستعير في مدة العارية أو في مقدار الحمل، أو في المكان، فالقول قول المعير (?)؛ لأن المعير هو الذي يأذن بالانتفاع بالعارية، فيقبل قوله في تحديد وجه الانتفاع، والمستعير يدعي بأن وجه الانتفاع هو على النحو الذي يريده، والمعير منكر لذلك فيقبل قوله بيمينه.
قال الحنفية والشافعية والحنابلة: إن الملك الثابت للمستعير ملك غير لازم؛ لأنه ملك لا يقابله عوض، فلا يكون لازماً، كالملك الثابت بالهبة، فيجوز للمعير أن يرجع في الإعارة، كما للمستعير أن يردها في أي وقت شاء، سواء أكانت الإعارة مطلقة أم مؤقتة بوقت، ما لم يأذن المعير في شغل المستعار بشيء يتضرر بالرجوع فيه، أو كانت العارية لازمة. كمن أعار أرضاً لدفن ميت محترم، فلا يجوز للمعير الرجوع في الموضع الذي دفن فيه، وامتنع على المستعير رده، فهذه إعارة لازمة من الجانبين، حتى يندرس أثر المدفون بأن يصير تراباً (?). ومثله: لو استعار مكاناً لسكنى معتدة، فليس للمعير الاسترداد.
ودليلهم على أن العارية عقد جائز (غير لازم) قوله صلّى الله عليه وسلم: «المنحة مردودة، والعارية مؤداة» (?).