وقال المالكية والحنابلة على المشهور (?): لا يطهر الجلد النجس بالدبغ، لحديث عبد الله بن عُكيم، قال: «كتب إلينا رسول الله صلّى الله عليه وسلم قبل وفاته بشهر أن لاتنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب» (?) فهو ناسخ لما قبله من الأحاديث، لأنه في آخر عمر النبي صلّى الله عليه وسلم، ولفظه دال على سبق الترخيص، وأنه متأخر عنه، وقال الدردير المالكي: ما ورد من نحو قوله عليه الصلاة والسلام: «أيما إهاب ـ أي جلد ـ دبغ، فقد طهر» فمحمول على الطهارة اللغوية، لا الشرعية في مشهور المذهب. وحينئذ لا تجوز الصلاة عليه.

وعلى القول المشهور عند المالكية من نجاسة الجلد المدبوغ: يجوز استعماله بعد الدبغ في اليابسات غير المائعات، كلبسه في غير الصلاة والجلوس عليه في غير المسجد، ولا يجوز استعماله في المائعات كالسمن والعسل والزيت وسائر الأدهان، والماء غير المطلق كماء الورد، والخبز المبلول قبل جفافه، والجبن، فلا يوضع فيه، ويتنجس بوضعه فيه. واستثنوا من ذلك جلد الخنزير فلا يجوز استعماله مطلقاً، دبغ أو لم يدبغ، في يابس أو مائع، وكذا جلد الآدمي، لشرفه وكرامته، وأما صوف الحيوان ونحوه فلا ينجس بالموت عند المالكية.

وعند الحنابلة روايتان في الانتفاع بالجلد النجس المدبوغ:

إحداهما ـ لا يجوز، لحديث ابن عكيم المذكور، وحديث البخاري في تاريخه «لا تنتفعوا من الميتة بشيء».

طور بواسطة نورين ميديا © 2015