مع شدة عدواتهم له، وحرصهم على تكذيبه، بأن يأتوا بمثله أو بعشر سور من مثله، أو بسورة، فعجزوا.
وأخبرهم أنهم لا يطيقون ذلك أبداً، بل قد تحدى الجن والإنس قاطبة على أن يأتوا بمثله فعجزوا، وأخبرهم بذلك، فقال الله تعالى: {قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا} إلى غير ذلك من الوجوه المثبتة لإعجازه.
وأما معناه فإنه في غاية التعاضد والحكمة، والرحمة والمصلحة، والعا قبة الحميدة والاتفاق، وتحصيل أعلى المقاصد، وتبطيل المفاسد، إلى غير ذلك مما يظهر لمن له لب وعقل صحيح خال من الشبه والأهواء، نعوذ بالله منها ونسأله الهدى.
ومن ذلك أنه نشأ بين قوم يعرفون نسبه ومرباه ومدخله ومخرجه، يتيماً بين أظهرهم، أميناً صادقاً، باراً راشداً، كلمهم يعرف ذلك ولاينكره إلا من عاند وسفسط وكابر.
وكان أمياً لا يحسن الكتابة ولا يعانيها ولا أهلها، وليس في بلادهم من علم الأولين، ولا من يعرف شيئاً من ذلك فجاءهم على رأس أربعين سنة من عمره يخبر بما مضى مفصلا مبيناً، يشهد له علماء الكتب المتقدمة البصيرون بها المهتدون بالصدق، بل أكثر الكتب المنزلة قبله قد دخلها