وكاد بعضهم يقتل بعضاً غماً، لأنهم يرون المشركين قد ألزموهم بشروط كما أحبوا، وأجابهم صلى الله عليه وسلم إليها وهذا من فرط شجاعتهم رضي الله عنهم وحرصهم على نصر الإسلام، ولكن الله عز وجل أعلم بحقائق الأمور ومصالحها منهم، ولهذا لما انصرف صلى الله عليه وسلم راجعاً إلى المدينة أنزل الله عز وجل عليه سورة الفتح بكمالها في ذلك، وقال عبد الله بن مسعود: إنكم تعدون الفتح فتح مكة وإنما كنا نعده فتح الحديبية، وصدق رضي الله عنه، فإن الله سبحانه وتعالى جعل هذه هي السبب في فتح مكة كما سنذكره بعد أن شاء الله تعالى.
وعوض من هذه خيبر سلفاً وتعجيلاً.
بر
ولما رجع صلى الله عليه وسلم إلى المدينة أقام بها إلى المحرم من السنة السابعة، فخرج في آخره إلى خيبر، ونقل عن مالك بن أنس رحمه الله: أن فتح خيبر كان في سنة ست، والجمهور على أنها في سنة سبع، وأما ابن حزم فعنه أنها في سنة ست بلا شك، وذلك بناء على اصطلاحه، وهو أنه يرى أن أول السنين الهجرية شهر ربيع الأول الذي قدم فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة مهاجراً، ولكن لم يتابع عليه، إذا الجمهور على أن أول التاريخ من محرم تلك السنة، وكان أول من أرخ بذلك يعلى بن أمية باليمن، كما رواه الإمام أحمد بن حنبل عنه بإسناد صحيح