وَأَبَاحَ لِلْمَرِيضِ التَّيَمُّمَ، لِخَوْفِ الضَّرَرِ الَّذِي يَلْحَقُهُ بِاسْتِعْمَالِ الْمَاءِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ لَا يَسُوغُ الِاجْتِهَادُ مَعَهُ، فَلِذَلِكَ أَنْكَرَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَأَمَّا حَدِيثُ حَمَلٍ: فَإِنَّ الْقَائِلَ فِيهِ اعْتَرَضَ عَلَى النَّصِّ بَعْدَ سَمَاعِهِ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُوجِبُ الْغُرَّةَ عَلَى الْعَاقِلَةِ، فَكَانَ قَوْلُهُ مُنْكَرًا، مَرْدُودًا. فَإِنْ اعْتَرَضَ مُعْتَرِضٌ عَلَى مَا قَدَّمْنَا مِنْ اتِّفَاقِ الصَّحَابَةِ عَلَى جَوَازِ الِاجْتِهَادِ، وَتَسْوِيغِهِمْ لَهُ فِي أَحْكَامِ الْحَوَادِثِ، وَتَرْكِهِمْ النَّكِيرَ مِنْ بَعْضٍ عَلَى بَعْضٍ فِيهِ.
فَإِنَّ الصَّحَابَةَ قَدْ ظَهَرَ مِنْهَا النَّكِيرُ مِنْ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الِاجْتِهَادِ، وَخَرَجُوا فِيهِ إلَى التَّلَاعُنِ، وَإِلَى اسْتِعْظَامِ الِاجْتِهَادِ فِي مَسَائِلِ الْفُتْيَا، مِنْ ذَلِكَ قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، (أَيُّ أَرْضٍ تُقِلُّنِي، وَأَيُّ سَمَاءٍ تُظِلُّنِي، إذَا قُلْتُ فِي كِتَابِ اللَّهِ بِرَأْيِي) وَقَالَ عُمَرُ (أَجْرَؤُكُمْ عَلَى الْجَدِّ أَجْرَؤُكُمْ عَلَى النَّارِ) ، وَقَالَ عَلِيٌّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: (مَنْ أَرَادَ أَنْ يَتَقَحَّمَ جَرَاثِيمَ جَهَنَّمَ فَلْيَقُلْ فِي الْجَدِّ) وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ (مَنْ شَاءَ بَاهَلْتُهُ أَنَّ سُورَةَ النِّسَاءِ الْقُصْرَى، نَزَلَتْ بَعْدَ الطُّولَى) يَعْنِي قَوْله تَعَالَى: {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ