غَيْرِهِ. فَثَبَتَ أَنَّهَا قَدْ اقْتَضَتْ وُجُوبَ الرَّدِّ عِنْدَ التَّنَازُعِ إلَى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَاتِّبَاعِ مُوجَبِهَا نَصًّا وَدَلِيلًا.

وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ أَيْضًا: {وَلَوْ رَدُّوهُ إلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} [النساء: 83] ، فَأَمَرَ بِاسْتِنْبَاطِ مَا أَشْكَلَ عَلَيْهِ حُكْمُهُ. وَقَدْ قِيلَ: إنَّ " أُولِي الْأَمْرِ " إنَّهُمْ أُمَرَاءُ السَّرَايَا، وَقِيلَ: إنَّهُمْ أُولُو الْعِلْمِ، وَلَا مَحَالَةَ أَنَّ أُولِي الْعِلْمِ مُرَادُونَ بِذَلِكَ، لِأَنَّ أُمَرَاءَ السَّرَايَا إنْ لَمْ يَكُونُوا ذَوِي عِلْمٍ بِالِاسْتِنْبَاطِ كَانُوا بِمَنْزِلَةِ غَيْرِهِمْ.

فَإِنْ قِيلَ: إنَّمَا هَذَا فِي أَمْرِ الْخَوْفِ وَالْأَمْنِ، لِأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ: {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنْ الْأَمْنِ أَوْ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إلَى الرَّسُولِ} [النساء: 83] قِيلَ لَهُ: إنَّهُ وَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ، فَدَلَالَتُهُ قَائِمَةٌ عَلَى مَا ذَكَرْنَا، لِأَنَّ أَمْرَ الْخَوْفِ وَالْأَمْنِ وَمَكَائِدِ الْعَدُوِّ، وَتَدْبِيرِ الْحَرْبِ، وَمَا جَرَى مَجْرَى ذَلِكَ، مِنْ أُمُورِ الدِّينِ. فَإِذَا جَازَ الِاسْتِنْبَاطُ فِيهِ لِعَدَمِ وُجُودِ النَّصِّ، جَازَ فِي سَائِرِ أَحْكَامِ الْحَوَادِثِ الَّتِي لَا نَصَّ فِيهَا.

فَإِنْ قِيلَ: قَالَ تَعَالَى: {لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} [النساء: 83] وَالْقِيَاسُ الشَّرْعِيُّ لَا يُفْضِي إلَى الْعِلْمِ، فَعَلِمْنَا أَنَّهُ لَمْ يُرَدْ بِهِ. قِيلَ لَهُ: هَذَا غَلَطٌ، لِأَنَّ مَنْ يَقُولُ: إنَّ كُلَّ مُجْتَهِدٍ مُصِيبٌ، يَقُولُ: قَدْ عَلِمْت أَنَّ مَا أَدَّانِي إلَيْهِ قِيَاسِي فَهُوَ حُكْمٌ لِلَّهِ تَعَالَى (عَلَيَّ) ، وَأَمَّا مَنْ قَالَ: إنَّ الْحَقَّ فِي وَاحِدٍ، فَإِنَّهُ يَقُولُ: هَذَا عِلْمُ الظَّاهِرِ، كَخَبَرِ الْوَاحِدِ، وَكَالشَّهَادَةِ، وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ} [الممتحنة: 10]

وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا: قَوْله تَعَالَى: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015