إذَا حَصَلَ الِاتِّفَاقُ عَلَى حُكْمِ شَيْءٍ ثُمَّ حَدَثَ مَعْنًى فِي ذَلِكَ الشَّيْءِ فَاخْتَلَفُوا عِنْدَ حُدُوثِهِ، فَإِنَّ مِنْ النَّاسِ مَنْ يَحْتَجُّ بَعْدَ حُدُوثِ الْخِلَافِ بِالْإِجْمَاعِ الْمُتَقَدِّمِ قَبْلَ حُدُوثِ الْمَعْنَى. وَذَلِكَ: نَحْوُ احْتِجَاجِ مَنْ يَحْتَجُّ فِي الْمَاءِ إذَا حَلَّتْهُ نَجَاسَةٌ لَمْ تُغَيِّرْ طَعْمَهُ وَلَوْنَهُ وَلَا رَائِحَتَهُ: أَنَّهُ طَاهِرٌ، لِإِجْمَاعِنَا عَلَى طَهَارَتِهِ قَبْلَ حُدُوثِ النَّجَاسَةِ فِيهِ، (فَنَحْنُ) عَلَى ذَلِكَ الْإِجْمَاعِ حَتَّى يُزِيلَنَا عَنْهُ دَلِيلٌ، وَكَمَنْ يُجِيزُ لِلْمُتَيَمِّمِ إذَا رَأَى الْمَاءَ فِي الصَّلَاةِ الْمُضِيَّ فِيهَا.
وَيَحْتَجُّ: أَنَّا قَدْ أَجْمَعْنَا عَلَى صِحَّةِ دُخُولِهِ فِي الصَّلَاةِ، فَنَحْنُ عَلَى ذَلِكَ الْإِجْمَاعِ فِي بَقَاءِ صَلَاتِهِ، حَتَّى يَقُومَ الدَّلِيلُ عَلَى غَيْرِهِ، وَكَمَنْ احْتَجَّ بِجَوَازِ بَيْعِ أُمِّ الْوَلَدِ بِاتِّفَاقِ الْجَمِيعِ عَلَى جَوَازِ بَيْعِهَا قَبْلَ الِاسْتِيلَادِ، فَنَحْنُ عَلَى ذَلِكَ الْإِجْمَاعِ، حَتَّى يَقُومَ الدَّلِيلُ عَلَى امْتِنَاعِ جَوَازِ بَيْعِهَا. وَنَظَائِرُ ذَلِكَ مِنْ الْمَسَائِلِ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَهَذَا (عِنْدَنَا) مَذْهَبٌ سَاقِطٌ، مَتْرُوكٌ، لَا يَرْجِعُ الْقَائِلُ بِهِ إلَى تَحْصِيلِ دَلَالَتِهِ مَتَى حُقِّقَتْ عَلَيْهِ مَقَالَتُهُ، ذَلِكَ: (أَنَّهُ) لَا يَخْلُو: مِنْ أَنْ يَكُونَ الْإِجْمَاعُ الْمُتَقَدِّمُ قَبْلَ حُدُوثِ الْمَعْنَى الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ وَقَعَ الْخِلَافُ، إنَّمَا وَجَبَ اتِّبَاعُهُ وَلُزُومُهُ لِأَجْلِ وُقُوعِ