فِيهِ حَدِيثٌ «فِي قِصَّةِ مَوْلَى ابْنَةِ حَمْزَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ جَعَلَ نِصْفَ مِيرَاثِهِ لِبِنْتِهِ، وَنِصْفَ مِيرَاثِهِ لِابْنَةِ حَمْزَةَ» .
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَهَذِهِ مِنْ الْأَقَاوِيلِ الَّتِي أَنْكَرَتْ الْجَمَاعَةُ فِيهِ عَلَى الْوَاحِدِ، وَلَمْ يُسَوِّغُوا لَهُ خِلَافَهُمْ فِيهِ. فَأَمَّا مَا سَوَّغُوا فِيهِ خِلَافَ الْوَاحِدِ إيَّاهُمْ، وَلَمْ يَظْهَرْ مِنْهُمْ نَكِيرٌ عَلَيْهِ: فَنَحْوُ مَا رُوِيَ مِنْ قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ: فِي مَنْعِ الْعَوْلِ فِي زَوْجٍ وَأَبَوَيْنِ، وَامْرَأَةٍ وَأَبَوَيْنِ، وَفِي قَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ: فِي أَنَّهُ لَا يُزَادُ بَنَاتُ الِابْنِ عَلَى تَكْمِلَةِ الثُّلُثَيْنِ مَعَ بِنْتِ الصُّلْبِ، وَأَنَّهُ لَا يُفَضِّلُ أُمًّا عَلَى جَدٍّ، فَأَظْهَرُوا خِلَافَ الْجَمَاعَةِ (بِحَضْرَتِهَا) ، وَلَمْ تُنْكِرْهُ الْجَمَاعَةُ عَلَيْهِمْ، وَسَوَّغُوا لَهُمْ الِاجْتِهَادَ فِيهِ، فَصَارَ ذَلِكَ إجْمَاعًا مِنْ الْجَمِيعِ عَلَى جَوَازِ الْخِلَافِ، وَتَسْوِيغِ الِاجْتِهَادِ فِي تَرْكِ قَوْلِ الْجَمَاعَةِ. فَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ قُلْنَا: إنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ الْإِجْمَاعُ فِيمَا كَانَ هَذَا سَبِيلَهُ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَسَمِعْت بَعْضَ شُيُوخِنَا يَحْكِي عَنْ أَبِي حَازِمٍ الْقَاضِي - وَكَانَ هَذَا الشَّيْخُ مِمَّنْ جَالَسَهُ وَأَخَذَ عَنْهُ - فَذَكَرَا أَنَّ أَبَا حَازِمٍ كَانَ يَقُولُ: إنَّ الْخُلَفَاءَ الْأَرْبَعَةَ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - إذَا اجْتَمَعَتْ عَلَى شَيْءٍ كَانَ اجْتِمَاعُهَا حُجَّةً، لَا يَتَّسِعُ خِلَافُهَا فِيهِ، وَيَحْتَجُّ فِيهِ بِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي «عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي، وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ مِنْ بَعْدِي، وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ» وَلِأَجْلِ هَذَا الْمَذْهَبِ: لَمْ يُعْتَدَّ بِزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ خِلَافًا فِي تَوْرِيثِ ذَوِي