هَذَا لَيْسَ بِشَرْطٍ. أَلَا تَرَى إلَى تَحْرِيمِ نِكَاحِ الْأُمَّهَاتِ وَالْبَنَاتِ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ، لَا يَمْتَنِعُ أَحَدٌ مِنْ النَّاسِ مِنْ إطْلَاقِ الْقَوْلِ: بِأَنَّ هَذَا إجْمَاعُ الْأُمَّةِ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَحْكِيَهُ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِهِ، إلَّا مَا ظَهَرَ وَانْتَشَرَ (مِنْ تَحْرِيمِهِنَّ) وَتَرْكِ الْبَاقِينَ الْخِلَافَ فِيهِ. فَبَانَ بِذَلِكَ أَنَّ شَرْطَ وُجُودِ الْإِجْمَاعِ. انْتِشَارُ الْقَوْلِ (عَمَّنْ هُوَ مِنْ أَهْلِ الْإِجْمَاعِ) مَعَ سَمَاعِ الْبَاقِينَ مِنْ غَيْرِ إظْهَارِ نَكِيرٍ وَلَا مُخَالَفَةٍ.
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: لَيْسَ فِي تَرْكِ النَّكِيرِ وَعَدَمِ إظْهَارِ الْخِلَافِ دَلَالَةٌ عَلَى الْوِفَاقِ، لِأَنَّهُ لَيْسَ يَمْتَنِعُ أَنْ يَتْرُكُوا (النَّكِيرَ) مَهَابَةً، أَوْ تَقِيَّةً، أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأُمُورِ. فَإِذًا لَيْسَ فِي تَرْكِ إظْهَارِ الْخِلَافِ دَلَالَةٌ عَلَى الْمُوَافَقَةِ، كَمَا رُوِيَ: " أَنَّ عُمَرَ سَأَلَ الصَّحَابَةَ فِي قِصَّةِ الْمَرْأَةِ الَّتِي أَرْسَلَ إلَيْهَا يَدْعُوهَا، فَفَزِعَتْ، فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا، فَقَالُوا: إنَّمَا أَنْتَ مُؤَدِّبٌ، وَلَمْ تُرِدْ إلَّا الْخَيْرَ وَمَا نَرَى عَلَيْك شَيْئًا، وَعَلِيٌّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - سَاكِتٌ، فَقَالَ لَهُ: مَا تَقُولُ أَبَا الْحَسَنِ؟ فَقَالَ عَلِيٌّ: إنْ كَانَ هَذَا جَهْدَ رَأْيِهِمْ فَقَدْ أَخْطَئُوا، وَإِنْ كَانُوا قَارَبُوك فَقَدْ غَشُّوك، أَرَى عَلَيْك الدِّيَةَ. فَقَالَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: (أَنْتَ صَدَقْتنِي) "
فَقَدْ كَانَ عَلِيٌّ سَاكِتًا مُضْمِرًا لِخِلَافِ الْجَمَاعَةِ، وَلَمْ يَكُنْ سُلُوكُهُ دَلَالَةً عَلَى الْمُوَافَقَةِ، وَلَمْ يَسْتَدِلَّ عُمَرُ أَيْضًا بِسُكُوتِهِ عَلَى الْمُوَافَقَةِ.
ذَكَرَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُ (ذَكَرَ) مَسْأَلَةَ الْعَدْلِ، وَاحْتَجَّ: