قَالَ: «لَا تَجْتَمِعُ أُمَّتِي عَلَى ضَلَالٍ» وَأَنَّهُ قَالَ: «يَدُ اللَّهِ مَعَ الْجَمَاعَةِ» وَرَوَى أَبُو إدْرِيسَ الْخَوْلَانِيُّ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «نَضَّرَ اللَّهُ عَبْدًا سَمِعَ مَقَالَتِي، ثُمَّ لَمْ يَزِدْ فِيهَا، فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ، ثَلَاثٌ لَا يُغِلُّ عَلَيْهِنَّ قَلْبُ مُؤْمِنٍ: إخْلَاصُ الْعَمَلِ لِلَّهِ، وَالْمُنَاصَحَةُ لِوُلَاةِ الْأَمْرِ، وَلُزُومُ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنَّ دَعْوَتَهُمْ تُحِيطُ مَنْ وَرَاءَهُمْ» وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ قَيْدَ شِبْرٍ فَقَدْ خَلَعَ رِبْقَةَ الْإِسْلَامِ مِنْ عُنُقِهِ» وَرَوَى أَبُو إدْرِيسَ عَنْ حُذَيْفَةَ فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ «فَقُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ: مَا يَعْصِمُنِي مِنْ ذَلِكَ؟ قَالَ: جَمَاعَةُ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامُهُمْ» فَهَذِهِ أَخْبَارٌ ظَاهِرَةٌ مَشْهُورَةٌ، قَدْ وَرَدَتْ مِنْ جِهَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ، وَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ تَكُونَ كُلُّهَا وَهْمًا أَوْ كَذِبًا، عَلَى مَا بَيَّنَّا فِيمَا سَلَفَ مِنْ أَخْبَارِ الْمُتَوَاتِرِ، وَقَدْ كَانَتْ مَعَ ذَلِكَ شَائِعَةٌ فِي عَهْدِ الصَّحَابَةِ: يَحْتَجُّونَ بِهَا فِي لُزُومِ حُجَّةِ الْإِجْمَاعِ، وَيَدْعُونَ النَّاسَ إلَيْهَا، وَلَمْ يَظْهَرْ مِنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ إنْكَارُ ذَلِكَ، وَلَا رَدُّهُ، وَمَا كَانَ هَذَا سَبِيلَهُ مِنْ الْأَخْبَارِ فَهُوَ فِي حَيِّزِ التَّوَاتُرِ الْمُوجِبِ لِلْعِلْمِ بِصِحَّةِ مُخْبِرِهَا، فَثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَا مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وُجُوبُ حُجِّيَّةِ الْإِجْمَاعِ، وَدَلَّتْ هَذِهِ الْأَخْبَارُ عَلَى صِحَّةِ مَا ذَكَرْنَا مِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ قَدْ رَوَاهَا جَمَاعَةٌ وَوَرَدَتْ مِنْ طُرُقٍ مُخْتَلِفَةٍ، وَهِيَ مَعَ اخْتِلَافِ طُرُقِهَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015