النُّصُوصِ وَالسُّنَنِ، أَلَا تَرَى: أَنَّ صَفْوَانَ بْنَ عَسَّالٍ لَمَّا سُئِلَ عَنْ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ، قَالَ: «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا كُنَّا سَفَرًا: أَنْ لَا نَنْزِعَ خِفَافَنَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهَا، لَيْسَ الْجَنَابَةَ، لَكِنْ مِنْ غَائِطٍ وَبَوْلٍ وَنَوْمٍ» فَاكْتَفَى بِذِكْرِ الْأَمْرِ مُجْمَلًا، دُونَ حِكَايَةِ لَفْظِ أَمْرِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَقَنَعَ السَّائِلُ أَيْضًا مِنْهُ بِذَلِكَ، دُونَ مُطَالَبَتِهِ بِإِيرَادِ لَفْظِهِ.
وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -: «كُنَّا نُخَابِرُ وَلَا نَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا، حَتَّى أَخْبَرَنَا رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْهَا، فَتَرَكْنَاهَا» فَاكْتَفَى مِنْهُ بِإِطْلَاقِ لَفْظِ النَّهْيِ، دُونَ حِكَايَةِ لَفْظِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -.
وَمِثْلُهُ كَثِيرٌ عَنْ الصَّحَابَةِ، يَطُولُ الْكِتَابُ بِذِكْرِهِ، وَمِنْ نَحْوِهِ: قَوْلُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لِلصَّبِيِّ بْنِ مَعْبَدٍ، حِينَ قَرَنَ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ: السُّنَّةُ، ثُمَّ سَأَلَهُ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: " هُدِيت لِسُنَّةِ نَبِيِّك " وَلَمْ يَحْتَجْ مَعَ إضَافَتِهِ السُّنَّةَ إلَى النَّبِيِّ: إلَى حِكَايَةِ لَفْظِهِ أَوْ فِعْلِهِ.