قِيلَ لَهُ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الرَّاوِي نَسِيَ، فَظَنَّ أَنَّهُ يَزِيدُ، فَسَمِعَهُ مِنْهُ، وَهُوَ إنَّمَا سَمِعَهُ مِنْ غَيْرِهِ، فَالنِّسْيَانُ جَائِزٌ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا، فَلِمَ جَعَلْت الْمَرْوِيَّ عَنْهُ أَوْلَى بِالنِّسْيَانِ مِنْ الرَّاوِي؟
وَأَمَّا مَنْ لَا يَفْسُدُ الْحَدِيثُ بِإِنْكَارِ الْمَرْوِيِّ عَنْهُ لَهُ، فَإِنَّهُ يُذْهَبُ فِيهِ إلَى أَنَّ رِوَايَةَ الثِّقَةِ مَقْبُولَةٌ، وَالنِّسْيَانُ جَائِزٌ عَلَى الْمَرْوِيِّ عَنْهُ، فَلَا يُفْسِدُهُ.
وَقَدْ «قَبِلَ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَوْلَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، حِينَ قَالَ ذُو الْيَدَيْنِ: أَقَصُرَتْ الصَّلَاةُ أَمْ نَسِيت؟ فَأَقْبَلَ عَلَيْهِمَا، فَقَالَ: أَحَقٌّ مَا يَقُولُ ذُو الْيَدَيْنِ؟ فَقَالَا: نَعَمْ» فَقَبِلَ خَبَرَهُمَا.
وَقَبِلَ عُمَرُ قَوْلَ أَنَسٍ فِي أَمَانِ الْهُرْمُزَانِ حِينَ، قَالَ لَهُ: " أَتَكَلَّمُ بِكَلَامِ حَيٍّ أَمْ بِكَلَامِ مَيِّتٍ؟ " فَقَالَ: تَكَلَّمْ بِكَلَامِ حَيٍّ " وَلَمْ يَذْكُرْ عُمَرُ مَا قَالَهُ لَهُ مِنْ ذَلِكَ. ثُمَّ قَبِلَ قَوْلَ مَنْ أَخْبَرَ بِهِ.
وَهَذَا عِنْدَنَا لَا يَلْزَمُ مَنْ خَالَفَهُ فِي ذَلِكَ، لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي قِصَّةِ ذِي الْيَدَيْنِ، وَعُمَرُ فِي قِصَّةِ الْهُرْمُزَانِ، ذَكَرَا ذَلِكَ بَعْدَ إخْبَارِ مَنْ أَخْبَرَهُمَا بِهِ.