عَلَيْهِ شَهَادَةٌ، أَوْ ظَنِينًا فِي وَلَاءٍ، أَوْ قَرَابَةٍ ".

وَكَانَ إبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ يَقُولُ: " الْمُسْلِمُونَ عُدُولٌ ".

قَالَ أَبُو بَكْرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَالصَّحِيحُ عِنْدِي وَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مَذْهَبُ أَصْحَابِنَا: أَنَّ مُرْسَلَ التَّابِعِينَ وَأَتْبَاعِهِمْ مَقْبُولٌ، مَا لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُمْ رِيبَةٌ، وَكَذَلِكَ كَانَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ، فَإِنَّ الَّذِي لَا شَكَّ فِيهِ: أَنَّ مَرَاسِيلَ غَيْرِ الْعُلَمَاءِ وَالْمَوْثُوقِ بِعِلْمِهِمْ وَدِينِهِمْ وَمَنْ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا يُرْسِلُ إلَّا عَنْ غَيْرِ الثِّقَاتِ - غَيْرُ مَقْبُولٍ.

وَالدَّلِيلُ عَلَى لُزُومِ الْعِلْمِ بِالْأَخْبَارِ الْمُرْسَلَةِ عَلَى الْحَدِّ الَّذِي بَيَّنَّا: مَا اسْتَدْلَلْنَا بِهِ مِنْ عُمُومِ الْآيَاتِ الْمُوجِبَةِ لِقَبُولِ أَخْبَارِ الْآحَادِ. مِنْهَا: قَوْله تَعَالَى: {إنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنْ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى} [البقرة: 159] وَغَيْرِهَا مِنْ الْآيَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى وُجُوبِ الْعِلْمِ بِأَخْبَارِ الْآحَادِ، وَلَمْ يَخْتَلِفْ حُكْمُ دَلَالَتِهَا فِي وُجُوبِ الْعِلْمِ بِالْمُسْنَدِ دُونَ الْمُرْسَلِ، لِأَنَّ التَّابِعِيَّ إذَا قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: كَيْتَ وَكَيْتَ، فَقَدْ بَيَّنَ، وَتَرَكَ الْكِتْمَانَ، فَيَلْزَمُ قَبُولُهُ بِظَاهِرِ الْآيَةِ، وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: {فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ} [التوبة: 122] إلَى آخِرِ الْآيَةِ.

فَدَلَّ: عَلَى أَنَّ الطَّائِفَةَ مِنْ التَّابِعِينَ إذَا رَجَعَتْ إلَى قَوْمِهَا فَقَالَتْ: أُنْذِرُكُمْ مَا قَالَ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَأُحَذِّرُكُمْ مُخَالَفَتَهُ، قَدْ لَزِمَهُمْ قَبُولُ خَبَرِهَا، كَمَا دَلَّ عَلَى لُزُومِ خَبَرِ الصَّحَابِيِّ إذَا قَالَ: قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَأَيْضًا: فَلَمَّا كَانَ الْمُسْنَدُ مِنْ أَخْبَارِ الْآحَادِ مَقْبُولًا، وَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْمُرْسَلُ مِنْهَا بِمَثَابَتِهِ مِنْ حَيْثُ وَجَبَ الْحُكْمُ بِعَدَالَةِ الْمَنْقُولِ عَنْهُ فِي الظَّاهِرِ، مِنْ حَيْثُ شَهِدَ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -

طور بواسطة نورين ميديا © 2015