عَنْهُ الثِّقَاتُ، وَلَيْسَ بِمَعْرُوفِ الضَّبْطِ وَالْحِفْظِ. جَازَ قَبُولُ رِوَايَةِ غَيْرِ الْمَعْرُوفِ بِالْحِفْظِ اجْتِهَادًا، كَالشَّهَادَةِ عَلَى الْحُقُوقِ.

قَالَ أَبُو بَكْرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لَمْ يَذْكُرْ هَاهُنَا جَهَالَةَ الرَّجُلِ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ: أَنَّهُ غَيْرُ مَعْرُوفٍ بِالْحِفْظِ، وَالْآخَرُ مَعْرُوفٌ بِالْحِفْظِ، فَأَجْرَاهُ مَجْرَى مَا قَدَّمْنَا مِنْ اعْتِبَارِ الِاجْتِهَادِ فِيهِ.

قَالَ أَبُو بَكْرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَلَا بُدَّ مِنْ اعْتِبَارِ عَدَالَةِ النَّاقِلِ، وَضَبْطِ مَا يَتَحَمَّلُهُ وَإِتْقَانِهِ، لِمَا يُؤَدِّيهِ.

كَمَا يُعْتَبَرُ أَوْصَافُ الشَّهَادَةِ فِي هَذَا الْمَعْنَى، وَذَلِكَ فِيمَنْ شَاهَدْنَاهُ، وَأَمَّا مَنْ تَقَدَّمَ مِمَّنْ لَمْ نُشَاهِدْهُ، فَإِنَّ نَقْلَ الْعُلَمَاءِ عَنْهُمْ مِنْ غَيْرِ طَعْنٍ مِنْهُمْ فِيهِمْ تَعْدِيلٌ لَهُمْ، وَلَيْسَ نَقْلُهُمْ عَنْ الْمَجْهُولِ - وَإِنْ كَانَ تَعْدِيلًا لَهُ - حُكْمًا مِنْهُمْ بِإِتْقَانِهِ وَضَبْطِهِ، فَكَانَ أَمْرُهُ مَحْمُولًا عَلَى الِاجْتِهَادِ، فِي قَبُولِ رِوَايَةٍ أَوْ رَدِّهَا.

وَالذَّكَرُ وَالْأُنْثَى، وَالْحُرُّ وَالْعَبْدُ، وَالْبَصِيرُ وَالْأَعْمَى، فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ، لِأَنَّ الصَّحَابَةَ لَمْ تُفَرِّقْ فِي قَبُولِهَا أَخْبَارَ الْآحَادِ بَيْنَ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، بَلْ كَانُوا يَسْأَلُونَ نِسَاءَ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَنْ الْأَحْكَامِ الَّتِي تَخُصُّهُنَّ، هَلْ عِنْدَهُنَّ عَنْ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مِنْهَا شَيْءٌ؟ فَقَبِلُوا مَا يُورِدَنهُ عَلَيْهِمْ مِنْ ذَلِكَ، وَكَانُوا يَقْبَلُونَ مِنْ رِوَايَاتِ مَنْ كُفَّ بَصَرُهُ.

مِنْهُمْ: ابْنُ عَبَّاسٍ، وَجَابِرٌ وَوَاثِلَةُ بْنُ الْأَسْقَعِ، وَعِتْبَانُ بْنُ مَالِكٍ فِي نَظَائِرِهِمْ مِنْ الصَّحَابَةِ.

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ ذَكَرَ عِيسَى أَخْبَارًا مُتَضَادَّةً اسْتَدَلَّ بِهَا عَلَى: وُقُوعِ الْوَهْمِ وَالْغَلَطِ فِي كَثِيرٍ مِنْ رِوَايَاتِ الْأَفْرَادِ.

مِنْهَا: أَنَّ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ رَوَى عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّهَا كَانَتْ مُهِلَّةً بِالْعُمْرَةِ حِينَ حَجَّتْ مَعَ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَرَوَى الْقَاسِمُ عَنْهَا: أَنَّهَا كَانَتْ مُهِلَّةً بِالْحَجِّ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015