ذَكَرَ: أَنَّ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَطْمَعَهُ فِي رَدِّهِ، وَلَمْ يَحْكِ عَنْ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: أَنَّهُ أَمَرَهُ بِرَدِّهِ، وَلَوْ كَانَا هُمَا سَمِعَا النَّبِيَّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - يُطْمِعُهُ فِي رَدِّهِ ثُمَّ لَمْ يَرُدَّهُ - لَمَا جَازَ لَهُمَا أَنْ يَرُدَّاهُ، إذَا لَمْ يَأْمُرْهُمَا بِذَلِكَ، فَلَيْسَ فِي هَذَا تَعَلُّقٌ بِمَا ذَكَرَهُ.
وَأَمَّا رَدُّ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ لِخَبَرِ أَبِي سِنَانٍ الْأَشْجَعِيِّ، فِي قِصَّةِ بِرْوَعَ بِنْتِ وَاشِقٍ الْأَشْجَعِيَّةِ فَإِنَّ قِصَّةَ بِرْوَعَ قَدْ شَهِدَهَا جَمَاعَةٌ مِنْ أَشْجَعَ، مِنْهُمْ: أَبُو سِنَانٍ، وَأَبُو الْجَرَّاحِ، وَغَيْرُهُمَا، وَلَمْ يَكُنْ الْمُخْبِرُ بِهَا وَاحِدًا، فَلَا تَعَلُّقَ فِيهِ، لِمَوْضِعِ الْخِلَافِ، وَعَلَى أَنَّ عَلِيًّا لَمْ يَرُدَّ خَبَرَهُ؛ لِأَنَّهُ وَاحِدٌ، لِأَنَّهُ قَالَ: لَا نَقْبَلُ شَهَادَةَ الْأَعْرَابِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخْبَرَ: أَنَّهُ إنَّمَا رَدَّهُ، وَإِنْ كَانُوا جَمَاعَةً - لِأَنَّهُ اتَّهَمَهُمْ لِكَثْرَةِ وَهْمِهِمْ، وَقِلَّةِ ضَبْطِهِمْ، لِأَنَّهُمْ أَعْرَابٌ، فَكَانَ ذَلِكَ إحْدَى الْعِلَلِ الَّتِي رَدَّ خَبَرَهُمْ لَهَا.
وَأَمَّا قَوْلُهُمْ: إنَّ عُثْمَانَ لَمْ يَقْبَلْ مِنْ أُبَيِّ سُورَتَيْ الْقُنُوتِ، وَأَنَّ عُمَرَ لَمْ يَقْبَلْ قِرَاءَةَ الرَّجُلِ الَّذِي قَرَأَ خِلَافَ قِرَاءَتِهِ.
فَإِنَّ مِنْ أَصْلنَا: أَنَّا لَا نُثْبِتُ الْقِرَاءَةَ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ، فَلَا مَعْنَى لِلِاعْتِرَاضِ بِهِ فِيمَا وَصَفْنَا.