وَالثَّالِثُ: الشَّهَادَةُ عَلَى الْوِلَادَةِ، وَعَلَى مَا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ مِنْ أُمُورِ النِّسَاءِ - فَيُقْبَلُ فِيهَا شَهَادَةُ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ، وَهَذِهِ الشَّهَادَاتُ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ مَرَاتِبُهَا، فَإِنَّهَا مُتَّفِقَةٌ فِي مَعْنَيَيْنِ.
أَحَدُهُمَا: الْأَدَاءُ بِلَفْظِ الشَّهَادَةِ. وَلَا يُقْبَلُ: أَعْلَمُ، وَأُخْبِرُ.
وَالثَّانِي: مَا يَقْتَضِيهِ مِنْ صِفَةِ الشَّاهِدِ. وَهِيَ: أَنْ (يَكُونَ) بَالِغًا، عَاقِلًا، حُرًّا، مُسْلِمًا، عَدْلًا، غَيْرَ مَحْدُودٍ فِي قَذْفٍ، صَحِيحَ النَّظَرِ، طَائِقًا لِمَا يَتَحَمَّلُهُ، نَافِيًا لِمَا يُؤْذِيهِ، لَا تَجُرُّ شَهَادَتُهُ إلَى نَفْسِهِ مَغْنَمًا، وَلَا يَدْفَعُ عَنْهَا مَغْرَمًا.
وَأَمَّا أَخْبَارُ الْمُعَامَلَاتِ فَهِيَ: نَحْوُ خَبَرِ الرَّسُولِ فِي الْهَدِيَّةِ، وَالْوَكِيلِ فِي الشِّرَاءِ، وَالْبَيْعِ فِيمَا عُلِمَ قَبْلَ ذَلِكَ مِلْكُهُ لِغَيْرِهِ، وَنَحْوُ: قَوْلُ الْآذِنِ لِمَنْ اسْتَأْذَنَ عَلَى غَيْرِهِ، فَهَذِهِ الْأَخْبَارُ وَمَا أَشْبَهَهَا مَقْبُولَةٌ مِنْ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ، وَالْعَبْدِ وَالصَّبِيِّ، وَالْعَدْلِ وَالْفَاسِقِ، مَا لَمْ يَغْلِبْ فِي ظَنِّ السَّامِعِ كَذِبُ الْمُخْبِرِ، وَهِيَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ عَلَى قِسْمَيْنِ:
مِنْهَا: مَا يُقْبَلُ فِيهِ قَوْلُ الْوَاحِدِ عَلَى أَيِّ صِفَةٍ كَانَ.