وَاسْتِقَامَتِهِ. وَنَحْوُهُ حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي الْمُتَبَايِعَيْنِ إذَا اخْتَلَفَا، «إنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْبَائِعِ، أَوْ يَتَرَادَّانِ» وَنَحْوُهُ: حَدِيثُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فِي «أَخْذِ الْجِزْيَةِ مِنْ الْمَجُوسِ» وَحَدِيثُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ وَمُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ فِي «إعْطَاءِ الْجَدَّةِ السُّدُسَ» .
قَدْ اتَّفَقَ السَّلَفُ وَالْخَلَفُ عَلَى اسْتِعْمَالِ هَذِهِ الْأَخْبَارِ حِينَ سَمِعُوهَا، فَدَلَّ ذَلِكَ مِنْ أَمْرِهَا عَلَى صِحَّةِ مَخْرَجِهَا وَسَلَامَتِهَا، وَإِنْ كَانَ قَدْ خَالَفَ فِيهَا قَوْمٌ، فَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا شُذُوذٌ، لَا يُعْتَدُّ بِهِمْ فِي الْإِجْمَاعِ.
وَإِنَّمَا قُلْنَا: إنَّ مَا كَانَ هَذَا سَبِيلَهُ مِنْ الْأَخْبَارِ - فَإِنَّهُ يُوجِبُ الْعِلْمَ بِصِحَّةِ مُخْبَرِهِ مِنْ قِبَلِ أَنَّا إذَا وَجَدْنَا السَّلَفَ قَدْ اتَّفَقُوا عَلَى قَبُولِ خَبَرِ مَنْ هَذَا وَصْفُهُ مِنْ غَيْرِ تَثَبُّتٍ فِيهِ وَلَا مُعَارَضَةٍ بِالْأُصُولِ، أَوْ بِخَبَرِ مِثْلِهِ، مَعَ عِلْمِنَا بِمَذَاهِبِهِمْ فِي التَّثَبُّتِ فِي قَبُولِ الْأَخْبَارِ، وَالنَّظَرِ فِيهَا، وَعَرْضِهَا عَلَى الْأُصُولِ - دَلَّنَا ذَلِكَ مِنْ أَمْرِهِمْ: عَلَى أَنَّهُمْ لَمْ يَصِيرُوا إلَى حُكْمِهِ إلَّا مِنْ حَيْثُ ثَبَتَتْ عِنْدَهُمْ صِحَّتُهُ وَاسْتِقَامَتُهُ، فَأَوْجَبَ ذَلِكَ لَنَا الْعِلْمَ بِصِحَّتِهِ.
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: مَا أَنْكَرْت أَنْ يَكُونَ مُسَاعَدَةُ الِاتِّفَاقِ لِحُكْمِ الْخَبَرِ الَّذِي وَصَفْتُمْ دَلِيلًا