عَلَى مُسَمَّيَاتٍ مِنْ أَحَدِ وُجُوهٍ ثَلَاثَةٍ: إمَّا أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ لِكُلِّ مَا اسْتَوْفَاهُ الِاسْمُ عَلَى مَا قَدَّمْنَا أَوْ الْوَقْفُ فِيهِ حَتَّى يَرِدَ بَيَانُ مُرَادِ الْكُلِّ، أَوْ الْبَعْضِ عَلَى حَسَبِ مَا قَالَ الْقَائِلُونَ بِالْوَقْفِ وَالْحُكْمُ (فِيهِ) بِأَقَلِّ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الِاسْمُ حَتَّى تَقُومَ دَلَالَةُ الْكُلِّ. فَإِنْ كَانَ الْوَاجِبُ فِيهِ الْحُكْمَ بِالْأَقَلِّ لَمْ يَخْلُ وُجُوبُ ذَلِكَ مِنْ أَحَدِ مَعْنَيَيْنِ: إمَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِدَلَالَةِ غَيْرِ اللَّفْظِ أَوْ لِأَنَّ اللَّفْظَ يَتَنَاوَلُهُ. فَإِنْ كَانَ الْحُكْمُ بِالْأَوَّلِ إنَّمَا يُعَلَّقُ وُجُوبُهُ بِدَلَالَةِ غَيْرِ اللَّفْظِ، وَلَيْسَ هَذَا حُكْمٌ بِالْأَقَلِّ مِنْ جِهَةِ اللَّفْظِ، وَعَلَى أَنَّ تِلْكَ الدَّلَالَةَ حُكْمُهَا أَنْ تَكُونَ مَبْنِيَّةً عَلَى اللَّفْظِ، وَاللَّفْظُ لَا حُكْمَ لَهُ إلَّا بِدَلَالَةٍ، فَهَذَا يُوجِبُ بُطْلَانَ تِلْكَ الدَّلَالَةِ فَبَطَلَ أَنْ يَكُونَ وُجُوبُ الْحُكْمِ بِالْأَقَلِّ. مُتَعَلِّقًا (بِدَلَالَةِ غَيْرِ اللَّفْظِ وَإِنْ كَانَ وُجُوبُ الْحُكْمِ بِالْأَقَلِّ مُتَعَلِّقًا) بِاللَّفْظِ مِنْ حَيْثُ انْتَظَمَهُ وَصَارَ عِبَارَةً عَنْهُ. فَالْحُكْمُ بِاسْتِيعَابِ الْكُلِّ وَاجِبٌ لِوُجُودِ اللَّفْظِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى جَمِيعِهِ، لِأَنَّ اللَّفْظَ لَمْ يَخْتَصَّ بِكَوْنِهِ عِبَارَةً عَنْ الْخُصُوصِ دُونَ الْعُمُومِ إذْ كَانَ يَتَنَاوَلُ الْجَمِيعَ عَلَى وَجْهٍ وَاحِدٍ؛ لِأَنَّ قَوْله تَعَالَى {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} [التوبة: 5] لَا يَخْتَصُّ بِثَلَاثَةٍ مِنْهُمْ دُونَ جَمِيعِهِمْ، فَمِنْ حَيْثُ وَجَبَ الْحُكْمُ فِي ثَلَاثَةٍ مِنْ طَرِيقِ اللَّفْظِ وَجَبَ مِثْلُهُ فِي الْجَمِيعِ لِهَذَا الْمَعْنَى بِعَيْنِهِ. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ: إنَّمَا حَكَمْت بِالْأَقَلِّ لِأَنَّهُ مُتَيَقَّنٌ وَمَا زَادَ فَهُوَ مَشْكُوكٌ فِيهِ. قِيلَ لَهُ: وَمِنْ أَيْنَ عَلِمْت أَنَّهُ مُتَيَقَّنٌ إلَّا مِنْ جِهَةِ اللَّفْظِ وَمُخَالِفُوك الْقَائِلُونَ بِالْوَقْفِ يَقُولُونَ فِي الْأَقَلِّ كَقَوْلِك أَنْتَ فِي الْأَكْثَرِ، فَهَلْ لَهُمْ دَلَالَةٌ غَيْرُ اللَّفْظِ عَلَى وُجُوبِ الْحُكْمِ بِالْأَقَلِّ