وَمَنْ " قَالُوا إنَّهَا لِلتَّبْعِيضِ وَلِبُدُوِّ الْغَايَةِ وَلِلتَّمْيِيزِ وَلِلْإِلْغَاءِ. فَالتَّبْعِيضُ خُذْ مِنْ مَالِي وَأَعْتِقْ مِنْ عَبِيدِي. وَالِابْتِدَاءُ خَرَجْت مِنْ الْكُوفَةِ، وَأَخَذْتُ مِنْ فُلَانٍ مَالِيَ، وَالتَّمْيِيزُ ثَوْبٌ مِنْ قُطْنٍ وَبَابٌ مِنْ حَدِيدٍ.

وَالْإِلْغَاءُ قَوْله تَعَالَى {يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ} [الأحقاف: 31] وَ {مَا لَكُمْ مِنْ إلَهٍ غَيْرُهُ} [الأعراف: 59] ، وَالْمَعْنَى يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَا لَكُمْ إلَهٌ غَيْرُهُ.

وَأَمَّا الْبَاءُ: فَإِنَّ النَّحْوِيِّينَ يَقُولُونَ هِيَ لِلْإِلْصَاقِ كَقَوْلِهِ كَتَبْت بِالْقَلَمِ وَمَسَحْت بِرَأْسِي. وَقَالَ غَيْرُهُمْ هِيَ مَعَ ذَلِكَ لِلتَّبْعِيضِ، لِأَنَّهُمْ يُفَرِّقُونَ بَيْنَ قَوْلِ الْقَائِلِ مَسَحْت بِرَأْسِ الْيَتِيمِ وَمَسَحْت رَأْسَهُ، وَيَقُولُ مَسَحْت يَدِي بِالْحَائِطِ، وَمَسَحْت الْحَائِطَ. فَلَمَّا كَانَ الْفَرْقُ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ ظَاهِرًا مَعْقُولًا فِي اللُّغَةِ، وَجَبَ أَنْ يَكُونَ لِدُخُولِهَا فَائِدَةٌ وَهِيَ التَّبْعِيضُ حَتَّى تَقُومَ دَلَالَةُ الْإِلْغَاءِ، لِأَنَّ هَذِهِ الْأَدَوَاتِ مَوْضُوعَةٌ لِلْفَائِدَةِ كَقَوْلِنَا مِنْ لِلتَّبْعِيضِ وَقَدْ تَدْخُلُ لِلْإِلْغَاءِ وَلَا نَجْعَلُهَا لِلْإِلْغَاءِ إلَّا بِدَلَالَةٍ. .

وَأَمَّا " فِي " فَلِلظَّرْفِ كَقَوْلِك ثَوْبٌ فِي مِنْدِيلٍ، وَتَمْرٌ فِي صُرَّةٍ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015