بَابُ الْقَوْلِ فِي الْأَمْرِ الْمُطْلَقِ هَلْ يَقْتَضِي التَّكْرَارَ؟ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي الْأَمْرِ الْمُطْلَقِ هَلْ يَقْتَضِي التَّكْرَارَ أَمْ لَا؟ فَقَالَ أَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ: لَا يَجِبُ التَّكْرَارُ إلَّا بِدَلَالَةٍ، وَمَتَى فَعَلَ الْمَأْمُورُ بِهِ مَرَّةً وَاحِدَةً فَقَدْ قَضَى عُهْدَةَ الْأَمْرِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَاَلَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ مَذْهَبُ أَصْحَابِنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ -: أَنَّ الْأَمْرَ يَقْتَضِي الْفِعْلَ مَرَّةً وَاحِدَةً وَيَحْتَمِلُ أَكْثَرَ مِنْهَا، إلَّا أَنَّ الْأَظْهَرَ حَمْلُهُ عَلَى الْأَقَلِّ حَتَّى تَقُومَ الدَّلَالَةُ عَلَى إرَادَةِ أَكْثَرَ مِنْهَا لِأَنَّ الزِّيَادَةَ لَا تَلْزَمُهُ إلَّا بِدَلَالَةٍ. وَاَلَّذِي يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مِنْ مَذْهَبِ أَصْحَابِنَا قَوْلُهُمْ فِيمَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: طَلِّقِي نَفْسَك أَنَّ هَذَا عَلَى وَاحِدَةٍ إلَّا أَنْ يُرِيدَ ثَلَاثًا فَيَكُونُ ثَلَاثًا، وَقَوْلُهُمْ فِيمَنْ قَالَ لِعَبْدِهِ: تَزَوَّجْ أَنَّهُ عَلَى امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ إلَّا أَنْ يُرِيدَ ثِنْتَيْنِ فَيَكُونُ (الْأَمْرُ) عَلَى مَا عَنَى، فَهَذَا يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ مَذْهَبُهُمْ فِي الْأَمْرِ إذَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِعَدَدٍ مَذْكُورٍ فِي اللَّفْظِ أَنَّهُ يَتَنَاوَلُ مَرَّةً وَاحِدَةً (وَيَحْتَمِلُ أَكْثَرَ مِنْهَا إلَّا أَنَّهُ لَا يُحْمَلُ عَلَى الْأَكْثَرِ إلَّا بِدَلَالَةٍ) . وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَقْتَضِي التَّكْرَارَ إلَّا أَنْ تَقُومَ الدَّلَالَةُ عَلَى غَيْرِهِ.