وُجُوبُهَا) (فَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ إلَّا بِأَدَائِهِ، كَالدُّيُونِ إذَا أَخَّرَهَا مَنْ هِيَ عَلَيْهِ عَنْ وَقْتِ وُجُوبِهَا) . وَلَوْ جَازَ أَنْ يُقَالَ: إنَّ وُرُودَ الْأَمْرِ الْمُطْلَقِ يَقْتَضِي عُمُومُهُ جَوَازَ فِعْلِهِ فِي سَائِرِ الْأَزْمَانِ فَيَجُوزُ تَأْخِيرُهُ لَجَازَ مِثْلُهُ فِي الدُّيُونِ الْحَالَّةِ.
فَإِنْ قِيلَ: قَدْ أَخَّرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْحَجَّ عَنْ وَقْتِ وُجُوبِهِ لِأَنَّهُ بَعَثَ أَبَا بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَلَى الْحَجِّ، وَلَمْ يَحُجَّ هُوَ حَتَّى حَجَّ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مَعَ تَقَدُّمِ فَرْضِ الْحَجِّ عَلَى السَّنَةِ الَّتِي حَجَّ فِيهَا فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَقْتَضِ الْفَوْرَ. قِيلَ لَهُ: لَيْسَ هَذَا (بِسُؤَالٍ فِي) الْمَسْأَلَةِ الَّتِي نَحْنُ فِيهَا لِأَنَّ الْكَلَامَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مُخَالِفِنَا فِي الْأَصْلِ، وَنَحْنُ لَا نَأْبَى أَنْ تَقُومَ الدَّلَالَةُ فِي الْأَمْرِ الْمُطْلَقِ عَلَى جَوَازِ التَّأْخِيرِ، ثُمَّ الْكَلَامُ فِي أَعْيَانِ الْمَسَائِلِ أَنَّهَا مِمَّا يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ أَوْ لَا يَجُوزُ يَكُونُ كَلَامًا فِي الدَّلَالَةِ الْمُوجِبَةِ لِجَوَازِ التَّأْخِيرِ فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ بِعَيْنِهَا، وَفِي ذَلِكَ خُرُوجٌ عَنْ مَسْأَلَتِنَا وَكَلَامٌ فِي غَيْرِهَا، كَمَا أَنَّ الْكَلَامَ فِي دَلَالَةِ التَّخْصِيصِ لَفْظٌ (ظَاهِرُهُ) الْعُمُومُ لَيْسَ هُوَ كَلَامًا فِي أَصْلِ الْقَوْلِ بِالْعُمُومِ أَوْ نَفْيِهِ وَلَا قَادِحًا فِيهِ، فَلَوْ صَحَّ أَنَّ وُجُوبَ الْحَجِّ قَدْ كَانَ مُتَقَدِّمًا لِلسَّنَةِ الَّتِي حَجَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهَا لَمَا دَلَّ (ذَلِكَ) عَلَى مَوْضِعِ الْخِلَافِ، لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ أَخَّرَهُ لِعُذْرٍ (أَوْجَبَ تَأْخِيرَهُ) ، عَلَى أَنَّهُ قَدْ قِيلَ إنَّ