بَعْضِهَا بِمُوسَى (وَفِي) بَعْضِهَا بِهَارُونَ وَكَذَلِكَ الْجِنُّ وَالْإِنْسُ. فَلَوْ كَانَتْ لِلتَّرْتِيبِ لَامْتَنَعَ وُجُودُ التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ (مَعًا) فِيهِمَا. فَإِنْ قِيلَ: يَلْزَمُك فِي الْجَمْعِ مِثْلُهُ لِأَنَّ الْجَمْعَ يُوجِبُ كَوْنَهُمَا مَعًا. قِيلَ لَهُ: لَمْ نُرِدْ بِقَوْلِنَا هِيَ لِلْجَمْعِ وُجُودَهُمَا مَعًا، وَإِنَّمَا أَرَدْنَا أَنَّهَا تَجْمَعُ الِاسْمَيْنِ فِي حُكْمٍ وَاحِدٍ. وَلَيْسَ يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَا مَجْمُوعَيْنِ فِي الْحُكْمِ وَيَكُونُ التَّالِي مُقَدَّمًا عَلَى الْأَوَّلِ فِي اللَّفْظِ تَارَةً، وَالْأَوَّلُ مُقَدَّمًا عَلَى التَّالِي تَارَةً أُخْرَى.

وَإِنَّمَا مَنَعْنَا أَنْ يَكُونَ فِيهَا دَلَالَةٌ عَلَى تَرْتِيبِ الْحُكْمِ. فَأَمَّا التَّرْتِيبُ فِي اللَّفْظِ فَمَوْجُودٌ فِيمَا ذَكَرْنَا صَحِيحٌ لَا يَقْدَحُ فِيهِ مَا ذَكَرْت. وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا لَا تَقْتَضِي التَّرْتِيبَ فِي اللُّغَةِ أَنَّ «رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا طَافَ بِالْبَيْتِ وَخَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ، صَعِدَ الصَّفَا وَقَالَ نَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ» . فَلَوْ كَانَ التَّرْتِيبُ مَعْقُولًا مِنْ اللَّفْظِ لَمَا احْتَاجَ أَنْ يَقُولَ «نَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ» لِأَنَّ الْقَوْمَ لَمْ يَكُنْ يُشْكِلُ عَلَيْهِمْ مَا كَانَ طَرِيقُ مَعْرِفَتِهِ اللُّغَةَ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015