الْمُبْتَدَأُ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى وَمِنْ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمِنْ سَائِرِ (الْمُخَاطَبِينَ إذَا كَانَ ظَاهِرَ) الْمَعْنَى بَيِّنَ الْمُرَادِ فَهُوَ بَيَانٌ صَحِيحٌ لَا يَدْفَعُ أَحَدٌ أَنْ يَكُونَ بَيَانًا (فِي الْحَقِيقَةِ وَلَا يَشْتَمِلُ عَلَيْهِ مَعَ) ذَلِكَ الْوَصْفِ الَّذِي وُصِفَ بِهِ الْبَيَانُ، أَلَا تَرَى أَنَّ قَوْله تَعَالَى {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} [المائدة: 6] وقَوْله تَعَالَى {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} [النساء: 23] وَ {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ الْمَيْتَةُ} [المائدة: 3] لَمْ يَكُنْ قَطُّ فِي حَيِّزِ الْإِشْكَالِ فَأَخْرَجَ بِهَذَا الْبَيَانَ إلَى التَّجَلِّي، إذْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ إشْكَالٌ قَبْلَ نُزُولِ الْآيَةِ فِي أَنَّ الْغُسْلَ وَاجِبٌ أَوْ غَيْرُ وَاجِبٍ وَأَنَّ الْأُمَّ مُحَرَّمَةٌ أَوْ غَيْرُ مُحَرَّمَةٍ وَقَدْ أَطْلَقَ مَعَ ذَلِكَ الْقَوْلَ بِأَنَّ الْبَيَانَ اسْمٌ لِكَذَا وَكَذَا فَذَلِكَ يَقْتَضِي سَائِرَ مَا يُسَمَّى بَيَانًا ثُمَّ اقْتَصَرَ بِهَذَا الْوَصْفِ عَلَى بَعْضِ أَقْسَامِ الْبَيَانِ دُونَ جَمِيعِهِ.