قَوْلِهِ.
وَجَعَلَ الْقِسْمَ الثَّانِيَ: قَوْله تَعَالَى {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إلَى الْمَرَافِقِ} [المائدة: 6] وقَوْله تَعَالَى {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمْ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: 185] وَتَحْرِيمَ الْفَوَاحِشِ وَالْمَيْتَةِ وَالدَّمِ وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ وَقَالَ أَصْحَابُهُ إنَّمَا جَعَلَ الشَّافِعِيُّ هَذَا بَيَانًا ثَانِيًا لِأَنَّهُ كَافٍ بِنَفْسِهِ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْبَيَانِ الْأَوَّلِ هُوَ مُسْتَغْنٍ (مُسْتَقِلٌّ) بِنَفْسِهِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ قَوْله تَعَالَى {فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إذَا رَجَعْتُمْ} [البقرة: 196] مُكْتَفٍ بِنَفْسِهِ فِي إفَادَةِ مِقْدَارِ الْعَدَدِ وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ} [البقرة: 196] . فَإِنْ كَانَ قَوْله تَعَالَى {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إلَى الْمَرَافِقِ} [المائدة: 6] وَمَا ذُكِرَ مَعَهُ إنَّمَا وَجَبَ أَنْ يَكُونَ مِنْ الْبَيَانِ الثَّانِي لِأَنَّهُ كَافٍ بِنَفْسِهِ، (فَيَجِبُ) أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ حُكْمَ مَا قُدِّمَ ذِكْرُهُ فِي الْبَيَانِ الْأَوَّلِ لِهَذِهِ الْعِلَّةِ فَيُوجِبُ هَذَا أَنْ يَكُونَا جَمِيعًا مِنْ قِسْمٍ وَاحِدٍ، فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ الْأَوَّلُ مِنْ الثَّانِي أَوْ يَكُونَ الثَّانِي مِنْ الْأَوَّلِ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَا قِسْمَيْنِ مَعَ اتِّفَاقِهِمَا فِي الْمَعْنَى الَّذِي صَارَ (بِهِ) أَحَدُهُمَا مِنْ الْقِسْمِ الثَّانِي.
وَجَعَلَ الْبَيَانَ الثَّالِثَ: بَيَانَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْفُرُوضِ الْمُجْمَلَةِ كَالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ.