وَفِي الْمَقْتُولِ مِنْ أَهْلِ (دَارِ) الْحَرْبِ إذَا كَانَ مُسْلِمًا. قِيلَ لَهُ: لَيْسَ الْأَمْرُ (فِيهِ) عَلَى مَا ظَنَنْت لِأَنَّ قَوْله تَعَالَى {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً} [النساء: 92] لَمْ يَدْخُلْ فِيهِ الْمُسْلِمُ فِي دَارِ الْحَرْبِ قَبْلَ الْهِجْرَةِ إلَيْنَا وَذَلِكَ لِأَنَّهُ قَالَ فِي سِيَاقِ الْخِطَابِ {فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ} [النساء: 92] وَلَوْ كَانَ قَدْ تَنَاوَلَهُ الْخِطَابُ الْأَوَّلُ لَمَا اسْتَأْنَفَ لَهُ ذِكْرَ الْأَسْمَاءِ وَهُوَ لَمْ يَخُصَّهُ بِحُكْمٍ لَمْ يَذْكُرْهُ فِي قَتْلِ الْمُؤْمِنِ خَطَأً لِأَنَّ ذِكْرَ الرَّقَبَةِ قَدْ تَقَدَّمَ أَيْضًا، فَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَكُونَ هَذَا مُرَادًا لَهُ وَهُوَ قَدْ بَيَّنَ حُكْمَهُ بَدْءًا وَيَسْتَأْنِفُ لَهُ ذِكْرًا يَنْقُضُ ذَلِكَ الْحُكْمَ بِعَيْنِهِ فَعَلِمْنَا أَنَّ قَوْله تَعَالَى {فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ} [النساء: 92] لَمْ يَتَنَاوَلْهُ قَوْله تَعَالَى {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً} [النساء: 92] وَأَيْضًا فَإِنَّ قَوْله تَعَالَى {وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ} [النساء: 92] شَرْطٌ وَمُحَالٌ أَنْ يَذْكُرَ الْأَوَّلَ مُكَرَّرًا وَيَجْعَلَهُ نَفْسَهُ شَرْطًا مَعَ دُخُولِهِ فِي ابْتِدَاءِ الْخِطَابِ.
وَإِذَا صَحَّ أَنَّ هَذَا كَلَامٌ مُبْتَدَأٌ لَمْ يَتَقَدَّمْ ذِكْرُهُ فِيمَا سَبَقَ مِنْ خِطَابِ الْآيَةِ ثُمَّ (وَجَبَ فِيهِ رَقَبَةٌ) عَلَى قَاتِلِهِ لَمْ يَجُزْ لَنَا إيجَابُ شَيْءٍ غَيْرِهَا لِأَنَّ فِيهِ زِيَادَةً فِي حُكْمِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ (عَلَى) مَا تَقَدَّمَ (مِنَّا بَيَانُهُ) فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ. فَإِنْ قِيلَ: مَعْلُومٌ مِنْ خِطَابِ النَّاسِ وَتَعَارُفِهِمْ أَنَّ قَوْلَ الْقَائِلِ إنْ دَخَلَ زَيْدٌ الدَّارَ فَأَعْطِهِ دِرْهَمًا إنَّمَا يُوجِبُ اسْتِحْقَاقَ الدِّرْهَمِ بِالدُّخُولِ فَإِنَّهُ (إنْ) لَمْ يَدْخُلْهَا لَمْ يَجُزْ أَنْ يُعْطَى.