بِالْقِيَاسِ لِأَنَّ كُلَّ مَنْ خَصَّ بِقِيَاسٍ فَلَا بُدَّ (مِنْ) أَنْ يَكُونَ قِيَاسُهُ مَبْنِيًّا عَلَى أَصْلٍ مِنْ نَصٍّ أَوْ إجْمَاعٍ، وَقَدْ مَنَعَ مُحَمَّدٌ ذَلِكَ. فَالْأَصْلُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ أَنَّ كُلَّ مَا ثَبَتَ مِنْ وَجْهٍ يُوجِبُ الْعِلْمَ لَمْ يَجُزْ تَرْكُهُ إلَّا بِمَا يُوجِبُ الْعِلْمَ، وَغَيْرُ جَائِزٍ تَرْكُهُ بِمَا لَا يُوجِبُ الْعِلْمَ لَا عَلَى وَجْهِ النَّسْخِ وَلَا عَلَى وَجْهِ التَّخْصِيصِ فَعُمُومُ الْقُرْآنِ الَّذِي لَمْ يَثْبُتْ خُصُوصُهُ بِالِاتِّفَاقِ ثَابِتٌ مِنْ جِهَةٍ تُوجِبُ الْعِلْمَ فَلَا يَجُوزُ تَرْكُهُ بِالْقِيَاسِ إذْ لَا يَقْضِي بِنَا الْقِيَاسُ إلَى الْعِلْمِ (بِحَقِيقَةِ مَا يُؤَدِّينَا) إلَيْهِ مِنْ فُرُوعِ الشَّرِيعَةِ. وَإِذَا ثَبَتَ خُصُوصُ اللَّفْظِ بِالِاتِّفَاقِ جَازَ تَخْصِيصُهُ بَعْضَ مَا انْتَظَمَهُ اللَّفْظُ بِالْقِيَاسِ لِأَنَّهُ لَمَّا ثَبَتَ خُصُوصُهُ بِالِاتِّفَاقِ حَصَلَ اللَّفْظُ مَجَازًا عَلَى قَوْلِ الْأَكْثَرِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَسَاغَ الِاجْتِهَادُ فِي تَرْكِ دَلَالَةِ اللَّفْظِ فَصَارَ حُكْمُ الْعُمُومِ فِي هَذَا ثَابِتًا مِنْ طَرِيقِ الِاجْتِهَادِ فَجَازَ اسْتِعْمَالُ النَّظَرِ فِي تَخْصِيصِهِ بِخُرُوجِ لَفْظِ الْعُمُومِ مِنْ إيجَابِ الْعِلْمِ بِمَا انْطَوَى تَحْتَهُ مِنْ الْمُسَمَّيَاتِ، لِأَنَّ قَوْلَ مَنْ قَالَ إنَّ الْبَاقِيَ بَعْدَ التَّخْصِيصِ عَلَى الْعُمُومِ مَبْنِيٌّ عَلَى الِاجْتِهَادِ وَغَالِبِ الظَّنِّ دُونَ الْيَقِينِ وَحَقِيقَةِ الْعِلْمِ، وَمَا كَانَ هَذَا سَبِيلَهُ جَازَ تَخْصِيصُهُ بِمَا كَانَ طَرِيقُهُ غَالِبَ الظَّنِّ مِنْ خَبَرِ وَاحِدٍ أَوْ قِيَاسٍ.
وَأَمَّا مَا كَانَ وُرُودُهُ مِنْ جِهَةِ رِوَايَاتِ الْأَفْرَادِ فَإِنْ تَخْصِيصَهُ جَائِزٌ عِنْدَنَا بِالْقِيَاسِ مِنْ قِبَلِ