يَكُونُ الْحُكْمُ حِينَئِذٍ تَابِعًا لِوُجُودِ الشَّبَهِ، وَكَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ أَنْ يَرُدَّ الْحَادِثَةَ إلَى (مَا شَاءَ) مِنْ الْأُصُولِ، لِوُجُودِ الشَّبَهِ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ، إذْ لَيْسَتْ تَخْلُو الْحَادِثَةُ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَهَا شَبَهٌ مِنْ كُلِّ أَصْلٍ مِنْ وَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ.
فَلَمَّا بَطَلَ هَذَا، عَلِمْنَا أَنَّ الْمُجْتَهِدَ إنَّمَا يَطْلُبُ أَشْبَهَ الْأُصُولِ بِالْحَادِثَةِ. فَلَوْ كُنَّا قَدْ عَلِمْنَا أَنَّهُ لَيْسَ هُنَاكَ أَشْبَهُ لَاسْتَحَالَ طَلَبُ الْأَشْبَهِ، مَعَ الْعِلْمِ أَنَّهُ لَيْسَ هُنَاكَ أَشْبَهُ.
أَلَا تَرَى: أَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يُكَلَّفَ تَحَرِّيَ الْكَعْبَةِ. وَلَيْسَ هُنَاكَ كَعْبَةٌ، وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُكَلَّفَ رَمْيَ الْكَافِرِ، وَلَيْسَ هُنَاكَ مَرْمًى مَقْصُودًا بِالرَّمْيِ.
وَكَذَلِكَ مَتَى اسْتَعْمَلْنَا الِاجْتِهَادَ فِي طَلَبِ عَدَالَةِ الشُّهُودِ، فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَتَعَلَّقَ ذَلِكَ بِمَطْلُوبٍ هِيَ الْعَدَالَةُ، وَإِلَّا فَلَوْ عَلِمْنَا لَيْسَ هُنَاكَ عَدَالَةٌ لَمَا صَحَّ تَكْلِيفُ الِاجْتِهَادِ فِي طَلَبِهَا، كَذَلِكَ لَوْ عَلِمْنَا فِي ظَنِّ الْمُجْتَهِدِ أَنَّهُ لَيْسَ هُنَاكَ أَشْبَهُ (لَاسْتَحَالَ تَكْلِيفٌ) فِي طَلَبِهِ.
أَلَا تَرَى: أَنَّهُ مَتَى غَلَبَ فِي ظَنِّ الْمُجْتَهِدِ أَشْبَهُ الْأُصُولِ (بِالْحَادِثَةِ عِنْدَهُ) فَظَنَّهُ هَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مُتَعَلِّقًا بِمَظْنُونٍ، وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ، لِأَنَّ (الْمُجْتَهِدَ لَيْسَ يَتَكَلَّفُ) الِاجْتِهَادَ لِيُؤَدِّيَهُ اجْتِهَادَهُ إلَى أَنَّهُ ظَانٌّ، لِأَنَّهُ قَدْ (حَصَلَ لَهُ الظَّنُّ) مِنْ جِهَةِ الْيَقِينِ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ ظَنُّهُ مُتَعَلِّقًا بِمَظْنُونٍ، هُوَ (الْحَقِيقَةُ) الْمَطْلُوبَةُ بِالِاجْتِهَادِ.
أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يَقُولَ: فِي غَالِبِ ظَنِّي (أَنِّي مُصِيبٍ) لِلظَّنِّ، وَإِنَّمَا يَقُولُ: فِي