هَذَيْنِ. فَقُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَقْضِي بَيْنَهُمَا وَأَنْتَ حَاضِرٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَإِنْ اجْتَهَدْتَ فَأَصَبْتَ فَلَكَ عَشْرُ حَسَنَاتٍ، وَإِنْ أَخْطَأْتَ فَلَكَ حَسَنَةٌ وَاحِدَةٌ» وَرُوِيَ أَنَّهُ قَالَ لِعُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ: مِثْلَ ذَلِكَ.
وَالْحَالُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَجْتَهِدُوا بِحَضْرَتِهِ، فَيَعْرِضُوا عَلَيْهِ رَأْيَهُمْ وَمَا يُؤَدِّيهِمْ إلَيْهِ اجْتِهَادُهُمْ مُبْتَدِئِينَ. فَإِنْ رَضِيَهُ صَحَّ، وَإِنْ رَدَّهُ بَطَلَ. وَقَدْ «اجْتَهَدَ مُعَاذٌ فِي تَرْكِهِ قَضَاءَ الْفَائِتِ خَلْفَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاتِّبَاعِهِ إيَّاهُ، فَرَضِيَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَ: سَنَّ لَكُمْ مُعَاذٌ، فَكَذَلِكَ فَافْعَلُوا» . وَأَشَارَ عَلَيْهِ الْحُبَابُ بْنُ الْمُنْذِرِ بِالِانْتِقَالِ عَنْ الْمَنْزِلِ الَّذِي نَزَلَهُ بِبَدْرٍ، فَقَبِلَ مِنْهُ، وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ اجْتِهَادَهُ. (وَكَتَبَ عُمَرُ إلَى مَنْ بِمَكَّةَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ: أَنْ يَلْحَقُوا بِأَبِي بَصِيرٍ، فَفَعَلُوا ذَلِكَ) وَكَانَ ذَلِكَ بِاجْتِهَادٍ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ أَمْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهِ، فَلَمْ يُنْكِرْهُ عَلَيْهِ. وَمِنْهُ «امْتِنَاعُ عَلِيٍّ مِنْ مَحْوِ اسْمِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الصَّحِيفَةِ، وَكَانَ ذَلِكَ مِنْهُ عَلَى جِهَةِ الِاجْتِهَادِ تَعْظِيمًا لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يُنْكِرْهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَحَاهُ بِيَدِهِ» . وَمِنْهَا: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا اهْتَمَّ لِلصَّلَاةِ كَيْفَ يَجْمَعُ لَهَا النَّاسَ أَشَارَ بَعْضُهُمْ بِنَصْبِ رَايَةٍ عِنْدَ حُضُورِ الصَّلَاةِ، وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ شَبُّورَ الْيَهُودِ، وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ النَّاقُوسَ، فَلَمْ يُعْجِبْهُ، وَلَمْ يُنْكِرْ اجْتِهَادَهُمْ، إلَى أَنْ أُرِيَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ الْأَذَانَ» .