وَلَيْسَ شَرْطُ مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِجَمِيعِ النُّصُوصِ مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، مَا ثَبَتَ مِنْهَا مِنْ جِهَةِ التَّوَاتُرِ، وَمِنْ جِهَةِ أَخْبَارِ الْآحَادِ، لِأَنَّ أَحَدًا مِنْ الْقَائِسِينَ لَا يَصِحُّ لَهُ أَنْ يَدَّعِيَ الْإِحَاطَةَ بِعِلْمِ جَمِيعِ ذَلِكَ، حَتَّى لَا يَشِذَّ عَنْهُ مِنْهُ شَيْءٌ. وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ شَرْطُ جَوَازِ الِاجْتِهَادِ، لَمَا جَازَ لِأَحَدٍ مِنْ الْقَائِسِينَ بَعْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَجْتَهِدَ، لِفَقْدِ عِلْمِهِ بِالْإِحَاطَةِ بِهَذِهِ الْأُصُولِ، لَا سِيَّمَا إذَا كَانَ مِمَّنْ يَقُولُ بِأَخْبَارِ الْآحَادِ، وَيَرَى تَقْدِيمَهَا عَلَى الْقِيَاسِ. وَقَدْ عَلِمْنَا أَنَّ الصَّحَابَةَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ، قَدْ اجْتَهَدُوا مَعَ فَقْدِ عِلْمِهِمْ بِجَمِيعِ ذَلِكَ. أَلَا تَرَى: أَنَّ عُمَرَ لَمَّا سَأَلَ عَنْ أَمْرِ الْجَنِينِ فَأُخْبِرَ بِهِ فَقَالَ: قَدْ كِدْنَا أَنْ نَقْضِيَ فِي مِثْلِ