وَالْآخَرُ: (قَوْلُ) مَنْ يُجِيزُ وُجُودَهُ. (فَأَمَّا) مَنْ (لَا) يُجِيزُ قِيَامَ الدَّلَالَةِ عَلَى صِحَّةِ عِلَّتِهِ مَعَ مُقَاوَمَةِ عِلَّةٍ أُخْرَى بِإِزَائِهَا مُوجِبَةً لِلْحُكْمِ بِضِدِّ مَا يُوجِبُهَا، فَإِنَّهُ يَقُولُ: لَسْت وَاجِدًا ذَلِكَ أَبَدًا، وَلَيْسَ كُلُّ مَنْ قَالَ: (إنِّي) : أَنْصِبَ عِلَّةً بِإِزَاءِ عِلَّتِكَ أَقِيسُ بِهَا فِي نَفْيِ حُكْمِكَ الَّذِي أَوْجَبَتْهُ عِلَّتُكَ سَاغَ لَهُ ذَلِكَ. وَإِنَّمَا ثَبَاتُ الْعِلَلِ مَوْقُوفٌ عَلَى دَلَائِلِهَا، وَغَيْرُ جَائِزٍ قِيَامُ الدَّلَالَةِ عَلَى تَصْحِيحِ عِلَّتَيْنِ مُتَضَادَّتَيْ الْأَحْكَامِ. وَلَوْ اسْتَدَلَّ خَصْمُنَا بِمِثْلِ دَلِيلِنَا عَلَى صِحَّةِ اعْتِلَالِهِ، كَانَ لَا بُدَّ مِنْ قِيَامِ دَلَالَةٍ تُوجِبُ تَرْجِيحَ أَحَدِهِمَا، هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلٌ (غَيْرُ هَذَيْنِ) الْقَوْلَيْنِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْحَقَّ لَا يَخْرُجُ مِنْهُمَا، وَلَا بُدَّ (مِنْ) أَنْ يَكُونَ لِلَّهِ تَعَالَى دَلِيلٌ عَلَى حُكْمِهِ، وَعَلَى صَوَابِ أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ، وَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يُكَافِئَهُ مَا لَيْسَ بِدَلِيلٍ. وَعَلَى أَنَّهُ لَوْ لَزِمَنَا ذَلِكَ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي سَأَلَ عَنْهُ السَّائِلُ لَلَزِمَ مِثْلُهُ جَمِيعَ الْقَائِسِينَ لِنَفَّاتِ الْقِيَاسِ، لِأَنَّ لَهُمْ أَنْ يَقُولُوا عَلَى هَذَا الْوَضْعِ: نَحْنُ نَنْصِبُ بِإِزَاءِ عِلَلِكُمْ عِلَلًا فِي مُنَافَاةِ مَا أَوْجَبَتْهَا، بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُكُمْ الِانْفِصَالُ مِنْهَا، وَلَا مِنْ أَضْدَادِهَا فِيمَا عَارَضْنَاكُمْ بِهِ. فَيَكُونُ مِنْ جَوَابِنَا جَمِيعًا لَهُمْ: أَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ مَا نَنْصِبُهُ مِنْ الْعِلَلِ بِإِزَاءِ عِلَّتِنَا يَجُوزُ أَنْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015