عَلَيْهِ، أَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تُصَدَّقُ فِي مِثْلِهِ فِي إيقَاعِ الطَّلَاقِ عَلَيْهَا، وَهُوَ الرَّجُلُ يَقُولُ لِامْرَأَتِهِ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَإِنْ كَلَّمْت زَيْدًا فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَقَالَتْ بَعْدَ ذَلِكَ: قَدْ دَخَلْتهَا بَعْدَ الْيَمِينِ، أَوْ كَلَّمْت زَيْدًا، وَكَذَّبَهَا الزَّوْجُ، أَنَّهَا لَا تُصَدَّقُ، وَلَا تَطْلُقُ، حَتَّى يُعْلَمَ ذَلِكَ بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِإِقْرَارِ الزَّوْجِ، فَكَانَ قِيَاسُ هَذَا الْأَصْلِ يُوجِبُ أَنْ لَا تُصَدَّقَ فِي وُجُودِ الْحَيْضِ الَّذِي جَعَلَهُ الزَّوْجُ شَرْطًا لِإِيقَاعِ الطَّلَاقِ.
وَكَمَا أَنَّهُ لَوْ قَالَ لَهَا: إذَا حِضْت، فَإِنْ عَبْدِي حُرٌّ، أَوْ قَالَ: فَامْرَأَتِي الْأُخْرَى طَالِقٌ، فَقَالَتْ: قَدْ حِضْت وَكَذَّبَهَا الزَّوْجُ لَمْ يَعْتِقْ الْعَبْدُ، وَلَمْ تَطْلُقْ الْمَرْأَةُ الْأُخْرَى، فَقَدْ أَخَذَتْ هَذِهِ الْحَادِثَةُ شَبَهًا مِنْ هَذِهِ الْأُصُولِ الَّتِي ذَكَرْنَا، فَلَوْ لَمْ يَكُنْ لِهَذِهِ الْحَادِثَةِ غَيْرُ هَذِهِ الْأُصُولِ لَكَانَ سَبِيلُهَا أَنْ تَلْحَقَ بِهَا، وَيُحْكَمُ لَهَا بِحُكْمِهَا، إلَّا أَنَّهُ قَدْ عَرَضَ لَهَا أَصْلٌ آخَرُ مَنَعَ إلْحَاقَهَا بِالْأَصْلِ الَّذِي ذَكَرْنَا، وَأَوْجَبَ إلْحَاقَهَا بِالْأَصْلِ الثَّانِي دُونَهُ، وَهُوَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا قَالَ: {وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ} [البقرة: 228] وَرُوِيَ عَنْ السَّلَفِ: أَنَّهُ أَرَادَ: مِنْ الْحَيْضِ وَالْحَبَلِ وَعَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أَنَّهُ قَالَ: (مِنْ الْأَمَانَةِ أَنْ ائْتُمِنَتْ الْمَرْأَةُ عَلَى فَرْجِهَا) دَلَّ وَعْظُهُ إيَّاهَا