الْحَالُ، وَالظَّرْفُ، التَّمْيِيزُ، وَنَحْوُ ذَلِكَ، وَكَمَا قَالُوا فِي الْعَرُوضِ: الْبَسِيطُ، وَالْمَدِيدُ، وَالْكَامِلُ، وَالْوَافِرُ. وَكَمَا أَطْلَقَ الْمُتَكَلِّمُونَ اسْمَ الْعَرَضِ، وَالْجَوْهَرِ، وَنَحْوُ ذَلِكَ عَلَى الْمَعَانِي الَّتِي عَرَفُوهَا وَأَرَادُوا الْعِبَارَةَ عَنْهَا، فَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مَحْظُورًا عَلَيْهِمْ، إذْ كَانَ الْغَرَضُ فِيهِ الْإِبَانَةُ وَالْإِفْهَامُ لِلْمَعْنَى بِأَقْرَبِ الْأَسْمَاءِ مُشَاكَلَةً وَأَوْضَحِهَا دَلَالَةً عَلَيْهِ. ثُمَّ لَيْسَ يَخْلُو لِغَائِبٍ الِاسْتِحْسَانُ مِنْ أَنْ يُنَازِعَنَا فِي اللَّفْظِ أَوْ فِي الْمَعْنَى. فَإِنْ نَازَعَنَا فِي اللَّفْظِ، فَاللَّفْظُ مُسَلَّمٌ لَهُ، فَلْيُعَبِّرْ هُوَ بِمَا شَاءَ، عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُنَازَعَةِ فِي اللَّفْظِ وَجْهٌ، لِأَنَّ لِكُلِّ (وَاحِدٍ أَنْ يُعَبِّرَ عَمَّا عَقَلَهُ مِنْ الْمَعْنَى) بِمَا شَاءَ مِنْ الْأَلْفَاظِ، لَا سِيَّمَا بِلَفْظٍ يُطْلَقُ مَعْنَاهُ فِي الشَّرْعِ وَاللُّغَةِ. وَقَدْ يُعَبِّرُ الْإِنْسَانُ عَنْ الْمَعْنَى بِالْعَرَبِيَّةِ تَارَةً وَبِالْفَارِسِيَّةِ أُخْرَى فَلَا نُنْكِرُهُ. وَقَدْ يُطْلِقُ الْفُقَهَاءُ لَفْظَ الِاسْتِحْسَانِ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْأَشْيَاءِ.
وَرُوِيَ عَنْ إيَاسِ بْنِ مُعَاوِيَةَ أَنَّهُ قَالَ: (قِيسُوا الْقَضَاءَ مَا صَلُحَ النَّاسُ، فَإِذَا فَسَدُوا فَاسْتَحْسِنُوا) وَأَنَّهُ قَالَ: (مَا وَجَدْتُ الْقَضَاءَ إلَّا مَا يَسْتَحْسِنُ النَّاسُ) وَلَفْظُ الِاسْتِحْسَانِ مَوْجُودٌ فِي كُتُبِ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: أَسْتَحْسِنُ أَنْ تَكُونَ الْمُتْعَةُ ثَلَاثِينَ دِرْهَمًا فَأَطْلَقَ أَيْضًا لَفْظَ الِاسْتِحْسَانِ. وَاسْتَعْمَلَ جَمِيعُ الْفُقَهَاءِ لَفْظَ الِاسْتِحْسَانِ، فَسَقَطَ بِمَا قُلْنَا الْمُنَازَعَةُ فِي إطْلَاقِ الِاسْمِ، أَوْ مَنْعِهِ.