وَنَحْوُ قَوْلِنَا إذَا نَحْنُ عَلَّلْنَا (فِي) الْأَوْلَادِ فِي وُجُوبِ ضَمِّهَا إلَى الْأُمَّهَاتِ، بِأَنَّهَا زِيَادَةُ مَالٍ فِي الْحَوْلِ عَلَى نِصَابٍ وَهِيَ مَوْجُودَةٌ فِي الْفَائِدَةِ.

فَيَقُولُونَ: مَا أَنْكَرْت أَنْ تَكُونَ الْعِلَّةُ (فِي الْأَوْلَادِ) أَنَّهَا مِنْ الْأُمَّهَاتِ.

وَنَحْوُ قَوْلِنَا: إنَّ عِتْقَ بَرِيرَةَ إنَّمَا أَوْجَبَ لَهَا الْخِيَارَ؛ لِأَنَّهَا مَلَكَتْ بُضْعَهَا بِالْعِتْقِ.

فَيَقُولُونَ: مَا أَنْكَرْت أَنْ يَكُونَ الْعِلَّةُ فِيهِ أَنَّ زَوْجَهَا كَانَ عَبْدًا، وَهَذَا أَبْعَدُ مِنْ الْأَوَّلِ مِنْ جِهَةِ الْمُعَارَضَةِ، لِمَا بَيَّنَّا فِيمَا سَلَفَ أَنَّ عِلَّةً لَا تَتَعَدَّى الْأَصْلَ الْمَعْلُولَ فَلَيْسَتْ بِعِلَّةٍ، فَهَذَا سَاقِطٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ.

وَلَوْ سَلَّمْنَا لَهُمْ: أَنَّ مِثْلَهُمْ يَكُونُ عِلَّةً، لَمَا كَانَتْ مُعَارَضَةً لِمَا ذَكَرْنَا؛ لِأَنَّا نَقُولُ (لَهُمْ) : نُصَحِّحُ الْعِلَّتَيْنِ جَمِيعًا، وَنَسْتَعْمِلُهَا، فَنُوجِبُ الْحُكْمَ بِهِمَا؛ إذْ لَيْسَ يَمْتَنِعُ إيجَابُ حُكْمٍ وَاحِدٍ بِعِلَّتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ، وَإِنَّمَا الْمُعَارَضَةُ أَنْ تَنْصِبَ عِلَّةً بِإِزَاءِ عِلَّةِ الْحُكْمِ، تُوجِبُ حُكْمًا بِضِدِّ مُوجَبِ عِلَّتِهِ، فَتَكُونُ حِينَئِذٍ مُعَارَضَةً صَحِيحَةً إذَا وَقَعَتْ عَلَى شُرُوطِهَا الَّتِي سَبِيلُ الْمُعَارَضَةِ أَنْ تَكُونَ عَلَيْهَا، نَحْوُ أَنْ نَقُولَ فِي عِلَّةِ نَقْضِ الطَّهَارَةِ بِخُرُوجِ النَّجَاسَةِ: لَمَّا اتَّفَقْنَا عَلَى أَنَّ الْيَسِيرَ مِنْ الْقَيْءِ لَا يَنْقُضُ الطَّهَارَةَ، وَكَانَ الْمَعْنَى فِيهِ: أَنَّهُ نَجَاسَةٌ خَارِجَةٌ مِنْ غَيْرِ السَّبِيلِ، كَانَ كَذَلِكَ حُكْمُ سَائِرِ النَّجَاسَاتِ الْخَارِجَةِ مِنْ غَيْرِ السَّبِيلِ، فَيَكُونُ هَذَا مُعَارَضَةً صَحِيحَةً عَلَى اعْتِلَالِنَا بِخُرُوجِ النَّجَاسَةِ بِنَفْسِهَا إلَى مَوْضِعٍ يَلْحَقُهُ حُكْمُ التَّطْهِيرِ، فَيَجِبُ حِينَئِذٍ قَبُولُهَا، وَالنَّظَرُ فِيهَا، وَحَمْلُهَا عَلَى شُرُوطِهَا الَّتِي تَصِحُّ الْمُعَارَضَةُ عَلَيْهَا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015