فَإِنْ اعْتَبَرَ بَعْضُ الْقَائِسِينَ مَا حَكَيْنَاهُ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ فِي اعْتِبَارِ الْحَادِثَةِ بِمَا هُوَ مِنْ جِنْسِهَا، عَلَى الْوَصْفِ الَّذِي ذَكَرْنَا، كَانَ سَائِغًا، وَكَانَ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ وَجْهًا يُقَوِّي فِي النَّفْسِ رُجْحَانَ الْعِلَّةِ عَلَى غَيْرِهَا، وَإِنْ تَرَكَ اعْتِبَارَ الْجِنْسِ وَاعْتَبَرَ الْمَعْنَى عَلَى حَسَبِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ شَوَاهِدُ الْأُصُولِ، فَيَكُونُ ذَلِكَ مُقَوِّيًا لِاعْتِبَارِهِ فِي نَفْسِهِ، وَ (إنْ) لَمْ يَرُدَّهُ إلَى جِنْسِهِ كَانَ جَائِزًا، وَجُمْلَةُ الْأَمْرِ فِيهِ أَنَّ طَرِيقَ الْعِلَلِ الشَّرْعِيَّةِ وَتَرْجِيحِ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضِ الِاجْتِهَادُ، وَغَالِبُ الظَّنِّ. فَمَنْ اعْتَبَرَهَا بِبَعْضِ الْوُجُوهِ الَّتِي ذَكَرْنَا سَاغَ لَهُ (ذَلِكَ) عَلَى حَسَبِ مَا يَغْلِبُ فِي ظَنِّهِ أَنَّهُ عَلَمُ الْحُكْمِ، وَأَمَارَتُهُ، وَأَنَّهُ أَشْبَهُ بِالْحَادِثَةِ مِنْ طَرِيقِ الْحُكْمِ وَغَيْرِهِ.