الصَّوْمِ الشَّرْعِيِّ، فَلَمَّا وَرَدَ الْخَبَرُ فِي أَنَّ الْأَكْلَ نَاسِيًا لَا يُفْسِدُ الصَّوْمَ، فَقَدْ أَفَادَ أَنَّ الْجِمَاعَ نَاسِيًا لَا يُفْسِدُهُ، لَا مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ، لَكِنْ مِنْ جِهَةِ تَسَاوِيهِمَا فِي الْأَصْلِ، فِي كَوْنِهِمَا شَرْطًا فِي صِحَّةِ الصَّوْمِ الشَّرْعِيِّ، فَمِنْ حَيْثُ ثَبَتَ أَنَّ تَرْكَ الْأَكْلِ فِي حَالِ النِّسْيَانِ لَيْسَ مِنْ شَرْطِهِ، أَفَادَ فِي الْجِمَاعِ مِثْلَهُ، وَهُوَ كَمَا قُلْنَا: فِي أَنَّ الزَّيْتَ، وَالسَّمْنَ، وَالشَّيْرَجَ مُتَسَاوِيَةٌ فِي الْأَصْلِ، فِي بَابِ جَوَازِ أَكْلِهَا إذَا كَانَتْ طَاهِرَةً، وَمُتَسَاوِيَةً فِي امْتِنَاعِ جَوَازِ أَكْلِهَا فِي حَالِ النَّجَاسَةِ، فَكَانَ الْأَثَرُ الْوَارِدُ فِي مَوْتِ الْفَأْرَةِ فِي السَّمْنِ، قَدْ أَفَادَ فِي الزَّيْتِ مِثْلَهُ، وَكَذَلِكَ الْفَأْرَةُ الْمَيِّتَةُ، وَالْعُصْفُورُ الْمَيِّتُ، لَمَّا تَسَاوَيَا فِي الْأَصْلِ مِنْ جِهَةِ النَّجَاسَةِ، ثُمَّ وَرَدَ الْأَثَرُ فِي الْفَأْرَةِ الْمَيِّتَةِ فِي السَّمْنِ، أَفَادَ الْعُصْفُورُ الْمَيِّتُ مِثْلَهُ. وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ وَلَا يَغْتَسِلْ فِيهِ مِنْ جَنَابَةٍ» قَدْ أَفَادَ النَّهْيَ عَنْ التَّغَوُّطِ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ. وَأَفَادَ نَهْيَ غَيْرِ الْبَائِلِ عَنْ الِاغْتِسَالِ فِيهِ، مِنْ طَرِيقِ عِلْمِنَا تُسَاوِي أَحْكَامِ النَّجَاسَاتِ عِنْدَ حُصُولِهَا فِي الْمَاءِ، لِتَسَاوِي أَحْكَامِ الْمُكَلَّفِينَ فِي لُزُومِ اجْتِنَابِهَا، وَلَيْسَ ذَلِكَ عِنْدَنَا بِقِيَاسٍ. لَكِنْ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ تَسَاوِيهِمَا مِنْ جِهَةِ النَّجَاسَةِ وَالطَّهَارَةِ، قَبْلَ وُرُودِ هَذَا الْخَبَرِ، فَلَمَّا وَرَدَ الْخَبَرُ لَمْ تَنْزِلْ الْمُسَاوَاةُ الْقَائِمَةُ فِي عُقُولِنَا قَبْلَ وُرُودِهِ، وَعَلَى هَذَا وُجُوبُ كَفَّارَةِ جَزَاءِ الصَّيْدِ عَلَى قَاتِلِ الْخَطَأِ،؛ لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ قَبْلَ ذَلِكَ وُجُوبُ مُسَاوَاةِ جِنَايَاتِ الْإِحْرَامِ فِي الْخَطَأِ وَالْعَمْدِ. فَلَمَّا وَرَدَ النَّصُّ بِوُجُوبِ الْجَزَاءِ عَلَى الْعَامِدِ، أَفَادَ عِلْمَنَا قَبْلَ ذَلِكَ بِمُسَاوَاةِ الْمُخْطِئِ لَهُ أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُهُ.